Translate

الاثنين، 20 مارس 2023

فتاوي موقع مشكاة في عشرة النساء

عشرة النساء

 

1- استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع 

سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

ما حكم أن يجامع الرجل زوجته في دورة المياه - أجلّك الله - فإن البعض يستحم مع زوجته فيفتن بها فما هو الجواب ؟

الجواب :

أخي السائل وفقك الله للخير وأغناك بما أحل لك عما حرم عليك ، ما ذكرته في سؤالك يجاب عنه بملاحظة ما يلي :
1.
دورات المياه في وضعها الحالي في البيوت الحديثة كما في بلدك تختلف اختلافاً كبيراً عن أماكن قضاء الحاجة في السابق والتي تسمى الكنف والحشوش والتي كانت مجمعاً للنجاسات والهوام والنتن ، أما الدورات الحالية فليس فيها من ذلك شيء، وإنما يحافظ عليها طاهرة نظيفة وليس فيها شيء من أعيان النجاسات . وبالتالي فإن لها حالاً أخرى غير حال أماكن قضاء الحاجة في السابق ، وبينهما من الفروق ما لا يخفى عند أول نظر ، وعليه فلا يظهر وجود مانع معتبر يمنع من قضاء الوطر فيها عند الحاجة إلى ذلك من نحو ما ذكرته .
2.
قضاء الإنسان وطره من أهله يكون في أحيان كثيرة استجابة لحالة انفعالية نتيجة رؤية أو ملامسة أو نحو ذلك ، ولذا فإن إطفاء الشهوة عند ثورانها في هذه الحال سبيل للعفاف وغض البصر، وكف جموح الشهوة ، وقد أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم (1403) عن جابر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأى امرأة فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال : " إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه " وأخرج أحمد (19403) واللفظ له، وابن ماجة (1853) وابن حبان في صحيحه (4171) عن عبد الله بن أبي أوفى قال: (( لا تؤدي المرأة حق الله – عز وجل – عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه )) .
3.
ومع ذلك فينبغي ألا يذهل المسلم مع ثوران شهوته عن استحضار نية العفاف والاستمتاع بالطيب المباح ، فإن عمله بذلك يكون صدقة وبراً كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (( وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا : يارسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر )) أخرجه مسلم (1006) من حديث أبي ذر .
وعليه أن يذكر المأثور من الذكر في هذه الحال كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً " أخرجه البخاري (6388)، ومسلم (1434) من حديث عبد الله بن عباس وفقك الله وبارك فيك وبارك لك .

 

سئل الشيخ د.طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود

أنا يا شيخ أمزح مع زوجتي باليد فتتأذى وأحياناً تقول الله لا يسامحك وهي تعلم أني مازح وبعد ما يزول الألم تستغفر، هل أنا آثم؟ وهل دعاؤها دعاء مظلوم ؟ و أحياناً أمزح معها بالقول فتنقهر ؟

الجواب :                                                                                                           السلام عليكم.
أشكرك على سؤالك وحرصك على أمور دينك، ثم أما بعد:
فلا شك في مشروعية المزاح فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يمازح الصحابة –رضي الله عنهم- ويداعبهم، كما ثبت ذلك في الصحيح وغيره، ومن ذلك مداعبته لنسائه وتسليته لهن بالحديث تارة كما في حديث أم زرع انظر: (5189) ومسلم (2448)، وبالجري كما جاء في الصحيح تارة أخرى وغير ذلك، وقد عقد الإمام الترمذي بابا في الشمائل المحمدية أورد ما ثبت عنه –صلى الله عليه وسلم- في أمر المزاح، وهذا لا إشكال فيه، ولكن الأمر الذي يحتاج زيادة بيان ضوابط المزاح وأظهرها:
-
ألا يكون فيه كذب.
-
ألا يكون فيه ضرر على الآخر أو أذى.
-
ألا يستغرق فيه حتى لا يعرف عنه إلا ذلك.
-
وأن يدخل به السرور على المقابل.
فهو مزاح صدق وبقصد مع فرح وانشراح صدر فأنت مشكور على حسن معاشرتك لزوجتك وإدخالك السرور عليها بالمزاح، ولكن ليس بالشكل الذي صنعته فإن من أصول المزاح الذي فهم عن رسول الله ألا يكون فيه أذى ولا ضرر ولا مبالغة فطالما شعرت أن الضرب ولو كنت مازحاً يؤثر فيها وتشعر بجرح في شعورها فأعرض عنه والواقع أن بعض الناس لا يتحمل هذا النوع من المزاح خاصة المرأة، ثم كان المفترض منك أن تترك هذا النوع من المزاح بعدما ظهر لك كره زوجتك له، والمرأة تحب المزاح الذي يحافظ على شعورها وأنوثتها، وليس الضرب ولا الكلام الجارح من ذلك في شيء، ثم إن دعاءها يظهر لك مقدار غضبها وحنقها من نوعية المزاح الذي تمارسه معها، فأقترح عليك بارك الله فيك أن تعرض عن هذا النوع من المزاح وتقبل على غيره من الكلام الذي ليس فيه ما تكرهه زوجتك، بل تفرح بسماعه وتحب أن تراه منك وأنت أخبر بذلك في زوجتك من غيرك، جعل الله السرور والسعادة دائماً وأبداً ترفرف على بيتكما وعلى حياتكما، والسلام عليكم.

 

سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث                                                       بسم الله الرحمن الرحيم.
هل للرجل الحق في معاشرة الزوجة رغماً عنها؟ ولكم جزيل الشكر.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله، وبعد:
*
حق الزوج على زوجته عظيم يقول –صلى الله عليه وسلم-:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها" الترمذي (1159) وابن ماجة (1852) وأحمد (12614).
*
وامتناع الزوجة عن فراش زوجها لا يجوز ما لم يكن عليها ضرر كمرض ونحوه، لكن يجب أن يعلم أن الجماع لذة وما لم تكن الأسباب متهيئة لا يحصل المقصود فعلى الزوجين أن يتبادلا الحب والشوق ويحركا المشاعر بهدية وابتسامة وقبلة ونظرة....
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



سئل الشيخ د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود             جرت العادة عند بعض الأسر أنه أثناء ليلة الزفافالدخلة- الأولى وبعد فض غشاء البكارة وخروج بعض الدم على قميص المزفوفة لكي تريه لأمها وأم الزوج كدليل على عذريتها، هل هذا جائز أم حرام؟ وهل هو داخل في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الوارد في النهي نشر ما يكون بين الرجل والمرأة للناس؟ بارك الله فيكم.

الجواب :                                                                                                           فهذه العادات قبيحة ولا يجوز إظهار شيء من هذا للناس، فالزوج مؤتمن على حفظ أسرار زوجته بأن لا يتكلم بما يكون بينه وبينها من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من أمور خاصة من قول أو فعل ونحوه، فهو من أعظم الأمانة التي يجب على الزوج أن يحفظها، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم ينشر سرها" وفي رواية عن ابن نمير "إن أعظم" وفي رواية "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" رواه مسلم برقم (1437).
فالأزواج الذين ينشرون أسرار نسائهم، أولئك شرار الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة، والله أعلم.

سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء                                                   ما حكم الجماع أثناء الحمل؟

الجواب :                                                                                                               سئل فضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع –حفظه الله- عن جماع الحامل فقال:
الحمد لله، ليس في الشريعة الإسلامية نهي عن جماع الرجل زوجته الحامل، وإنما النهي خاص بجماع المرأة الحائض أو النفساء، وأما إذا قرر الأطباء لامرأة معينة لظروفها الصحية أن جماع زوجها يضر بها، فهذه حالة خاصة لا يقاس عليها، والله أعلم.
[
مجموع فتاوى وبحوث لفضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع (4/228)].


سئل الشيخ عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود                     بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز شرعاً لمن سبق له أن عقد على امرأة عقداً شرعياً ولم يدخل بها إذ إنه لم يتمكن من توفير مستلزمات حفل الزواج والسكن بعد، هل يجوز إذ أمكن من الخلوة بها أو السفر معها أن يجامعها؟ أرجو الجواب بشيء من التفصيل لتعم الفائدة، إذ إن هذا الأمر عادة ما يحدث، وبارك الله فيكم.

الجواب :                                                                                                              الحمد لله.
إن مجرد العقد الشرعي الصحيح من الرجل على المرأة يبيح له الدخول بها متى شاء، وإن ذلك متوقف على طلبه هو.
إلا أن الذي جرى عليه العمل في بلاد المسلمين وتعارفوا عليه أن الدخول لا يكون إلا بعد إشهار النكاح عن طريق العرس غالباً، وهو الذي ينبغي مراعاته، إذ إن العرف معتبر ما لم يخالف نصاً صريحاً، ولم يجر العرف في أي بقعة من بلاد المسلمين بخروج المرأة مع بعلها قبل دخوله بها الدخول المعروف دون ضابط، فضلاً عن السفر معها والخلوة بها ومن ثم مجامعتها، أما إذا وقع ذلك أي خرج معها وربما واقع زوجته فيه فإنه لا إثم عليه، ولكن يترتب على هذا الوقاع أمور، منها:
أن المرأة تستحق مهرها كاملاً، لأنها بالعقد تستحق نصف المهر، وبالخلوة بها تستحق النصف الآخر، وقد حصل، فلو قدر وطلقها قبل العرس فإنها تستحق المهر كاملاً.
أنه تجب عليه نفقتها؛ لأن النفقة تستحق بالتمكين، وقد مكنته من نفسها وهي زوجة له، فتجب عليه.
أن ما جاءت به من ولد فهو منه، إن جاءت به بعد ستة أشهر من الوقاع الأول؛ لأنها أصبحت له فراشاً.
هذه أبرز التبعات التي يتحملها الزوج، والله – تعالى- أعلم.

سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة                                               طلقت من زوجي، وبعد ضغط شديد وافقت على الزواج منه مرة أخرى، على أن أكون مربية لأولادي فقط، بدون أن يكون لزوجي حق في العشرة، هل يجوز اشتراط هذا الشرط في العقد؟.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا تزوج شخص امرأة واشترط أحدهما عدم العشرة، أو عدم النفقة، أو ألا تسلم نفسها، ونحو ذلك من الحقوق التي يقتضيها عقد النكاح. فإن هذه الشروط لا تصح، ولكن عقد النكاح يبقى صحيحاً، فلكل واحد منهما بعد العقد أن يطالب الآخر بما اشترط إسقاطه.
وإن تراضيا بعد العقد على إسقاط شيء من الحقوق فلا مانع من ذلك؛ لأن الحق لا يعدوهما، لكن لأي منهما بعد إسقاطه أن يرجع فيطالب بأدائه.
وعليه فإن العقد المذكور في السؤال عقد صحيح، لكن يمكن لأي من الزوجين بعد إتمامه أن يطالب بحقه في العشرة، فإن تراضيا بعد إتمام العقد على أن يسقطا حق المعاشرة فلا مانع.
فقد روى البخاري (5212) ومسلم (1463) أن سودة بنت زمعة – رضي الله عنها- وهبت يومها وليلتها لعائشة –رضي الله عنها- زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – تبتغي بذلك رضا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود                 ما حكم تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو؟ وقد كنت أستحي من طرح هذا السؤال، ولكني قرأت فتوى في مجلة (الفرحة) أنه لا حرج في ذلك، لذا أرجو الإفادة.

الجواب :                                                                                                          تصويرها بالفيديو إذا كان من نوع الكاميرا الثابتة، والتي يتم التصوير فيها بطريقة آلية، ثم لا يطلع عليه بعد ذلك إلا الزوجان فإن هذا مثل فعل الجماع أمام المرآة، هذا عندما نصف الفعل مجرداً، ولذا فإن من أفتى بذلك نظر إليه من هذا الجانب.
بقي أن نعرف أنه لابد من ملاحظة تداعيات الحال وأخذها في الاعتبار في مثل هذه الأمور، فإن الصورة والحال هذه صور عورات مستورة، وحال خاصة، وسر مستأمن عليه كل من الزوجين، فوضعه بهذه الطريقة تعريض لهذا السر للفضح، والستر للكشف، والمتضرر ليس الزوجان فقط، بل وأسرتاهما، وأبناؤهما، وربما مات الأحياء وبقيت العورات مكشوفة.
أيها الأخ الكريم: ثم إننا لسنا بحاجة لتلقف كل صرعات الغرب الجنسية، والذي لا يراعي من الحرمات ما نراعيه، ولا يستحي مما نستحي منه، إنهم قوم لا خلاق لهم، إنهم لا يرجون لله وقاراً، ولذا فإن الحذر من هذا الفعل مطلوب، وحماية العورات والأعراض من الضرورات التي لا بد من حمايتها وصيانتها والبعد عن أسباب افتضاحها.

سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود                      هناك قضية تثير جدالاً عنيفاً في جاليتنا في ميونخ، ونحتاج فيها إلى جواب واضح صريح مدعوم بالأدلة، إذا رفضت الزوجة الجماع مع زوجها بدون سبب أو بقصد إضراره فهل يجوز له أن يجبرها على الجماع بقوة؟ نرجو منكم جواباً صريحاً مدعوماً بالأدلة يوضح الحكم الشرعي: هل يجوز أم لا يجوز؟ وشكراً.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي يتوعد المرأة بأن تلعنها الملائكة حتى تصبح إذا هي هجرت فراش زوجها ليس على إطلاقه كما يتوهم بعضهم، بل هو مخصوص بمن لا عذر لها في ذلك، ومجرد عدم رغبتها لا يعد عذراً يبيح لها الرفض.
أما فإن كانت الزوجة معذورة بعذر شرعي كحيض أو صوم قضاءٍ ضاق وقته، أو بعذر حسي كمرضٍ ونحوه، أو معنوي كشدة غم وحزن، أو مرض نفسي، وما إلى ذلك من الأعذار التي تمنعها من أن يستمتع بها زوجها – فلا يجوز له أن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار" ابن ماجة (2340) وأحمد (2862) ومالك (1461) وصححه الألباني وقال – تعالى -:"ولا تضاروهن" [الطلاق:6] وقال أيضاً:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19]
وليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت تضرها.
وإذا هجرت فراش زوجها بغير عذر فهي ناشز يباح له تأديبها، ويبدأ بالوعظ فإن لم ينفع هجرها فإن لم يُجْدِ ضربها ضرباً غير مبرح، كما بينه النبي –صلى الله عليه وسلم- في قوله:"وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح" أخرجه مسلم (1218).
وهنا لا بد من بيان المقصود بالضرب غير المبرح: هو الضرب غير الشديد، يقول ابن عباس – رضي الله عنهما- لما سئل عنه:"هو بالسواك ونحوه"
وأما الضرب المبرح فلا يجوز بحال، كما لا يجوز الضرب في الوجه والمواضع المخوفة كالرأس والبطن ونحو ذلك.
على أن الضرب إنما هو رخصة وليس بمستحب، وذهب عامة أهل العلم على أن تركه أفضل مطلقاً، وهذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما تروي عائشة –رضي الله عنها- "ما ضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده ولا امرأة، ولا خادماً" أخرجه مسلم (2328).
ويجب أن يكون الضرب بقصد الإصلاح لا بقصد الانتقام والإهانة، وعلى الزوج ألا يلجأ إلى الضرب إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحها، فإن من النساء من لا يزيدها الضرب إلا عناداً ونفوراً، ولو كان ضرباً غير مبرح، وعليه أن يحلم عليها، ويطيلَ معها أسلوب الوعظ والتذكير، فوعْظُها وهي في لحظة غضبٍ لا ينفع غالباً، وكثيراً ما تأخذها العزةُ بالإثم، ولا يكون لموعظتِه في تلك اللحظة موضعُ قبولٍ في نفسها، فعليه أن يتوخى وقتاً مناسباً يراها فيه هادئةَ النفس مستقرةَ الحال....في لحظة لا يساورها فيها غضب يغطي عقلها، ولا حزن ولا قلق يشغل بالها ونفسها.
وله في حال نشوزها أن يمنعها النفقة؛ لأنها قد منعته حق الاستمتاع بها، ومعلوم أن المهر يقابل استمتاعه بها "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة..." [النساء من الآية:24].
قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى 32/275) (فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة، وكان ذلك يبيح له ضربها كما قال – تعالى -:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً..." [النساء من الآية: 34] انتهى.
أما ما سألت عنه وهو قسرها على الوطء بالقوة، فليس في الحديث ما يشير إليه، فهو في حكم المسكوت عنه، والأظهر أن له ذلك؛ لأنه إذا كان له أن يضربها ضرباً غير مبرح عند نشوزها بهجر فراشه، فيسوغ له من باب أولى أن يُكرهَها على الجماع بلا ضرب مبرح.
ويتأكد ذلك إذا طال هجرُها لفراشه، وخاف على نفسه العنتَ والوقوعَ في الحرام.
على أنه ينبغي للزوج ألاّ يبدأ به بمجرد رفضها دعوتَه لها للفراش، بل عليه أن يعظها ويخوفَها بالله، ويتوددَ لها بالكلمة الطيبة والمعاملةِ الحسنة، وليجرِّبْ أن يقدم لها هديةً تشفع له عندها ولو غير ثمينة، فالهدايا تفعل في النفوس فعلها العجيب، وليتزيَّن لها وليتطيب وليهيئ لرغبته جوَّها المناسب؛ حتى تستجيبَ زوجتُه عن رغبةٍ صادقة.
ولا ينبغي للزوج أن يأخذ بأغلظ الطرق وهو يجد سبيلاً إلى الهين اللين، ويكفي أن صورة إتيانها بالقوة والإكراه تُشاكلُ صورةَ الاغتصاب، ولربما زاد هذا الأسلوبُ من عنادِها ونفورها، فاجعلْه آخر أسلوب تنتهجه معها، كما أن آخر الدواء الكي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



 

2- الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر

سئل الشيخ أ.د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية                      ما حدود ما يجوز للرجل من امرأته الحائض؟ وهل له الاستمتاع بها في دبرها ؟

الجواب :                                                                                                           ليعلم أن المرأة الحائض يجوز لزوجها أن يستمتع بها في كل شيء ماعدا الوطء في الفرج، قال تعالى :" ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض" [البقرة:222] أي اعتزلوا مكان الحيض والدم، وقد بين ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله ، فأما قوله فما رواه مسلم في صحيحه عن أنس –رضي الله عنه- قال: كانت اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- :" اصنعوا كل شيء إلا النكاح" أي الوطء .
وأما فعله فما رواه البخاري (300) ومسلم (293) عن عائشة –رضي الله عنها- قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض" . والإزار يكون من السرة إلى الركبة ، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب وإنما هو من باب التنزه وحتى لا يرى الرجل من امرأته ما يكره، لعموم الحديث السابق والآية، ولأنه مجرد فعل والفعل لا يدل على الوجوب ، وقد ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة كذلك، ولكن هذا الجواز (في كل ما سبق) مقيد بأمرين :
1-
ألا يجره ذلك إلى الوطء في الفرج فإن كان يخشى على نفسه من ذلك لم يحل له .
2-
أن تتحفظ المرأة حتى لا يمس الدم ، لأن النجاسة لا تجوز ملامستها إلا لحاجة ، ودم الحيض نجس .
كما يجوز للرجل أن يستمتع بامرأته بدبرها ، ما عدا الوطء فإنه محرم، قال النبيصلى الله عليه وسلم- :" ملعون من أتى امرأة في دبرها" . رواه أبو داود (2162) والنسائي في السنن الكبرى (8966) وهو حديث حسن بشواهده . والله أعلم .

 


3- العزل والإجهاض وتحديد النسل

سئل الشيخ د. عبدالله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء                              ما حكم إنزال الجنين الذي لم ينفخ فيه الروح ، نرجو التفصيل الكامل في ذلك ، وما ضرورات ذلك ؟

الجواب :                                                                                                            بحث مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة ، وخرج بنتائج ، وهي : أن الجنين إذا نفَخ فيه الروح ، فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز إسقاطه ، وأن إسقاطه محرّم ، وفيه غرة عبد أو وليدة ، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- : (( أن امرأة ضربت امرأة ، وهي حامل في بطنها وألقته ، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم- : أن دية الحمل غرة عبد أو وليدة )) ، أمّا إذا لم يُنفخ فيه الروح ، وهو أن يكون أقل من مئة وعشرين يوماً ، فقد اختلف الفقهاء ، وجمهور أهل العلم على التحريم ، وهذا الأصل، والدليل على هذا قوله تعالى : (( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )) ، وعموم الأحاديث في ذلك ، وقالوا : ولا يجوز إسقاط الجنين إذا لم ينفخ فيه الروح ولم يتخلّقَ ، فالمسألة في ثلاث صور، الصورة الأولى : لم يتخلّق بعدُ ( نطفة ) ، الصورة الثانية : تخلّقَ ،ولكن لم ينفخ فيه الروح ، الصورة الثالثة : نفخ فيه الروح ، فالثالثة : محرّم _ مطلقاً _ لا إشكال فيه ، الثانية : وهي الذي تخلق ، وعرف أنه حَمْل ، ولكن لم تنفخ فيه الروح ، فجمهور أهل العلم على التحريم ، والصورة الأولى : هي النطفة ، ولم يتخلق بعد ، فهذه يقول العلماء ، - أيضاً - لا يجوز إلا إذا أثبت الأطباء المؤتمنون أن هذا الحمل يؤدي إلى إضرار بالأم ، ولا يكفي ثقة واحداً أو اثنين، إذ لا بدّ أن يتفق الأطباء ؛ لأن الطبيب ربما يقول هذا ويخالفه الرأي طبيب آخر، ولهذا ينبغي الاحتياط في هذا الأمر ، وعلى هذا لا يجوز إسقاط النطفة إلا إذا تحققت المضرة، والله أعلم .

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود                  سؤالي هو: أن زوجتي كانت حاملاً في شهرها الخامس، وتعرضت إلى سقطة -الله يكرمكم- في الحمام، ترتب عليها بعد يومين نزيف متقطع ويومي، وبعد مراجعة الطبيب أفاد بأن الجنين في حالة غير طبيعية، وربما يتشوه، وعند سؤال الدكتور عن مقدرته لعمل عملية إجهاض لتفادي الموقف رفض الطبيب المعالج عمل ذلك، وتم إجراء عملية الإجهاض في مكان آخر، وأسباب رفض الطبيب مع تأكيده بأن الجنين في حالة غير سوية، إلا أنه رفض بقوله: إن الإجهاض حرام لأن الجنين في الشهر الخامس، أرجو من سعادتكم الإفادة جزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام – على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أنه لا يجوز إجهاض الجنين في أي طور من أطواره، وإجهاضه بعد أربعة أشهر، أو أكثر تعتبر جناية عليه، لأنه قد تم نفخ الروح فيه، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم-، انظر مثلاً ما رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- هذا وما قاله الطبيب بتحريم الإجهاض، لا سيما وأن الجنين في الشهر الخامس، وامتناعه عن الإجهاض هو عين الحق وفقه الله.
هذا وعلى الجاني على الجنين بالإجهاض، أو المتسبب لذلك التوبة إلى الله تعالى، والندم على ما فات وعدم العودة لمثل هذا، وعليه أيضاً دية الجنين ذكراً كان أو أنثى، وهي غرة عبد أو أمة أي ما يساوي عشر دية أمة؛ خمس من الإبل، تقارب قيمتها ستة آلاف ريال سعودي، تدفع لورثة الجنين، ولا يرث منها الجاني ولا المتسبب شيئاً إن كانا من ورثته، والله أعلم.

 

سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة                                                  أنا طبيب توليد، أعمل في بريطانيا، جاءتنا أم حامل بطفل مشوه، وهي تعاني من أمراض وتحتاج إجراء ولادة لها، وقد اختارت فقدان الحمل وقتله، ذهبت لمشاهدة الأمر مع الاستشاري، وكان عندي انطباع أن الطفل سيموت بعد الولادة على أي حال، طلب مني الاستشاري إعداد الدواء الذي سيوقف قلب الطفل، ثم طلب مني حقن ذلك الدواء، وللأسف لا أستطيع أن أرفض، حيث كانت الإبرة داخلة في بطن المريضة في ذلك الوقت، وللتخفيف من شدة الأمر عليّ قلت إن هؤلاء ليسوا مسلمين وهم يقتلون أطفالنا، في فلسطين، فهل يعتبر هذا قتل عمد؟ عرفت بعد ذلك أن هناك خمس حالات في بريطانيا مثل هذه الحالة. أفيدوني مأجورين.

الجواب :                                                                                                             الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحمل المذكور الذي حقنته الدواء دون أربعة أشهر، يعني لم يتم الحمل مائة وعشرين يوماً فلا شيء في فعلك.
وإن كان قد تجاوز هذه المدة فلا يخلو إما أن يكون بقاء الحمل مؤثراًَ على حياة الأم وبقاؤه يؤدي لموتها فكذلك عملك مباح، وأما إن كان قد تجاوز تلك المدة وبقاؤه لا يؤثر على حياة الأم، وإنما أرادت التخلص منه لكونه مشوهاً ففعلك حرام.
إذ الحمل بعد هذه المدة يكون آدمياً منفوخاً فيه الروح، عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح" رواه البخاري (3208) ومسلم (2643).
قال ابن رجب (نفخ الروح روي صريحاً عن الصحابة – رضي الله عنهم - أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر) جامع العلوم والحكم ص (51).
ونقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على ذلك، فتح الباري (11/490) ولا يجوز الاعتداء عليه، وحيث إن عملك عندهم معاهدة معهم، والعهد يمنع الاعتداء عليهم لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة" رواه البخاري
(3166).
والمسلم مأمور بأداء الأمانة إلى من ائتمنه.
ولذا فإن عليك التوبة والاستغفار من فعلك ، وليس عليك كفارة، لأن العهد لا كفارة فيه، والله أعلم.

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود                   أنا رجل متزوج وعندي طفلان أحدهما يعاني من مرض التلاسيميا، والآخر حامل له،
الطفل المصاب بهذا المرض يحدث له انخفاض في نسبة الدم ناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء، مما يضطر الطفل المريض أن يأخذ وحدة دم كل 3 أسابيع لتعويض النقص، ونتيجة لأخذ الدم المتكرر يحدث ارتفاع في نسبة الحديد في الدم، فيحتاج المريض إلى أخذ إبرة تحت الجلد يومياً لتذويب الحديد تبقى هذه الإبرة مركبة لمدة ست ساعات يومياً على جهاز خاص، والمصاب بهذا المرض يبقى على هذه الحالة إلى ما شاء الله فليس هناك علاج لهذه الحالة، ولتجنب حدوث ولادة طفل مصاب بهذا المرض يجرى فحص أثناء الحمل تظهر نتيجته بعد80 يوماً من الحمل، السؤال هو:هل يجوز الإجهاض بعد 80 يوماً إذا تبين أن الجنين مصاب بهذا المرض؟
وهل علي من إثم إذا ما منعت زوجتي من الحمل؟


الجواب :                                                                                                           الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أما السؤال الأول: فنقول اتفق علماء الأمة الإسلامية على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح، إلا بضرورة قصوى كخوف هلاك الأم، كما اتفقوا على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر من الحمل، أما الإسقاط قبل نفخ الروح فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح في نظري عدم جوازه في جميع أطوار الجنين، ما لم يكن هناك سبب قوي يقتضي إسقاطه، هذا وأرى جواز الإسقاط قبل أربعة أشهر أي: قبل نفخ الروح إذا تبين أن الجنين مصاب بالمرض المذكور في السؤال أو نحوه إذا وافقت الأم على ذلك وذلك للحاجة الملحة، لا سيما وأن من العلماء من أجاز الإسقاط مطلقاً قبل نفخ الروح وهم جمهور الحنفية "ينظر حاشية ابن عابدين ج3 ص176"، لكنني كما سبق أرى عدم جواز الإسقاط في كل مراحل الجنين بدون سبب قوي، وإنما رأيت الجواز للسبب الذي ذكره السائل لا مطلقاً، أما الجواب عن السؤال الثاني وهو: هل علي من إثم إذا منعت زوجتي من الحمل؟ فنقول: يجوز استعمال ما يمنع الحمل لا ما يقطعه، لا سيما مع السبب الذي ذكر في السؤال الأول، وقد أجاز جمهور العلماء من الصحابة –رضي الله عنهم- ومن بعدهم العزل، وهو النزع بعد الإيلاج أثناء مجامعة الرجل للمرأة قرب الإنزال، مستدلين بما جاء في الصحيحين عند البخاري (5209)، ومسلم (1440)، عن جابر - رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينـزل"، ولما رواه مسلم وغيره عن جابر –رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا، والله أعلم.

 

سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد                       لي أم عمرها 49سنة، وقبل عشر سنوات وضعت الابن التاسع والأخير بعملية قيصرية، فطلب أبي من الطبيب إجراء عملية ربط الرحم أثناء تلك العملية القيصرية، خوفاً عليها من الحمل مرة أخرى، علماً أنها وضعت أولادها الثمانية السابقين وضعاً طبيعياً، وكل هذا لجهل أمي وأبي بحكم ذلك قطعاً، والآن وبعد عشر سنوات من إجراء العملية تبين لنا حرمة قطع النسل، فماذا نفعل الآن؟ علماً أن لدى أمي التهابات الكلى، والمسالك، ونخشى من ضرر فك الرحم عليها ثانية، أفيدونا جزاكم الله بالفقه في الدين، وأكرمكم بالجنة.

الجواب :                                                                                                            كان يجب على أبيك وعلى أمك أن يسألا عن الحكم الشرعي لربط الأرحام، وكذلك الأمر بالنسبة للطبيب المعالج.
وكل من قصر في ذلك فهو آثم، وأما الآن فإن كان يترتب على فك الأرحام مضاعفات مرضية يخشى منها على صحة الأم إما بهلاكها أو التسبب في آلام شديدة لها، فلا يلزمها فك الأرحام ثانية، والمرجع في تقدير الضرر وعدمه هو الطبيب الثقة. والله أعلم

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود             السلام عليكم و رحمة الله و بركاته: لقد أجريت عملية طفل الأنابيب منذ حوالي شهرين، و تم -بحمد الله- الحمل بأربعة أجنة, ولكن الأطباء و الإحصاءات العلمية تشير إلى خطورة الحمل بأكثر من جنينين، و بازدياد نسب الولادة المبكرة جداً التي قد تؤدي إلى التشوه الدائم أو سقوط الحمل في حوالي الخمسة أشهر, أو وجود خطورة على الأم، وإمكانية التسمم الحملي, ولذلك نصحني الطبيب بضروروة التخفيض لجنينين، مع العلم أن التخفيض سيتم قبل تمام (120) يوماً من بدء الحمل, فهل هناك حرمة في ذلك؟ وهل أعد بفعلي هذا مزهقة للروح؟
أفيدوني أفادكم الله، فأنا وزوجي في حيرة و قلق شديدين، ويجب أن نتخذ القرار عاجلاً. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد: الجواب: أنه ما دام أن الحمل بأربعة أجنة يشكل خطراً على الأم، وإمكانية التسمم الحملي، -كما ورد في السؤال-، وأن تخفيض الحمل ضرورة كما قرره الطبيب، وأن هذا التخفيض (أي: الإسقاط لبعض الحمل) سيتم قبل تمام (120) يوماً أي: قبل نفخ الروح في الجنين أو الأجنة؛ لأن الجنين تنفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر من الحمل، إذا كان الأمر كذلك بالتفصيل الذي ذكرته والذي جاء في السؤال فإسقاط بعض الحمل جائز شرعاً ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.

 

سئل الشيخ د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود                       السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز استخدام وسائل منع الحمل بمختلف أنواعها على الرغم من الأضرار التي تسببها للمرأة؟ وما الأسباب التي يباح فيها استخدامها؟ وما الوسائل البديلة عنها؟
وهل يجوز لي السماح لزوجتي بعمل عملية جراحية من أجل التوقف عن الإنجاب؟ على الرغم أن لدي من الأولاد ثمانية -والحمد لله- وذلك من أجل المحافظة على صحتها أفيدونا أفادكم الله.

الجواب :                                                                                                                            استخدام وسائل منع الحمل يرجع إلى أمرين :
الأمر الأول: ينظر في سبب استعمالها فإن كان ذلك لضرورة أو لحاجة ملحة فلا بأس به مثل أن يشير الأطباء الثقات بذلك مراعاة لصحة المرأة مثلاً، فإذا استردت عافيتها تركت هذه الموانع لتعاود الحمل. ومثل أن تكون ولاداتها متعاقبة بحيث إنها تحمل قبل فطام طفلها السابق فإن العلماء ذكروا أنه لا حرج في استعمال موانع الحمل حينئذ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – همّ أن ينهى عن الغيلة – وهي: وطء المرضع - وذلك لئلا يتضرر الرضيع، انظر: مسلم (1442) وبعضهم حد هذه المدة بسنتين وهي مدة الرضاع لمن أراد أن يتم الرضاعة. وأما إذا كان استعمال موانع الحمل لغير حاجة فلا يجوز.
الأمر الثاني: ينظر في أثر هذه الموانع فلا يجوز استعمال موانع تضر بالمرأة من حيث صحتها العامة، ومن حيث سلامتها التناسلية، فإن بعض هذه الوسائل تؤدي إلى العقم ويمكن مراجعة الطبيب الثقة حال الحاجة ليعين المانع المناسب، وأما البدائل المناسبة فالأطباء هم الأعلم بها، لكن منها تجنب الجماع زمن إخصاب المرأة، والله تعالى أعلم.
أما السؤال الثاني: فجوابه أنه لا يجوز السماح لزوجتك بعمل عملية جراحية من أجل التوقف نهائياً عن الإنجاب مثل استئصال الرحم ونحوه، إلا لضرورة لا مناص منها، فقد صرح العلماء بحرمة قطع النسل نهائياً وذلك لما فيه من المضادة لما يريده النبي – صلى الله عليه وسلم – من أمته فقد قال – صلى الله عليه وسلم–:" تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" قال ذلك لما استأذنه رجل في أن يتزوج امرأة عقيماً لا يولد لها انظر: النسائي (3227)، أبو داود (2050)، وأحمد (12613)، فما بالك بقطع سبب الحمل من امرأة ولود؟ لكن الضرورة لها أحكام وهي تقدر بقدرها مثل أن تكون المرأة مصابة بمرض في رحمها يخشى أن يسري إلى سائر جسدها فيهلكها كسرطان الرحم -عافانا الله وإياكم- أو أن يخشى بناء على تقرير الأطباء على المرأة أن تموت إذا حملت، وماعدا حال الضرورة فلا يجوز، وكم رأى الناس عبراً من رجل اكتفى هو وامرأته بما عندهما من أولاد فعمدا إلى استئصال الرحم فحصلت حادثة أودت بأولادهما جميعاً، وبقيا بدون أولاد يعضان أصبع الندامة حيث لا ينفع الندم.

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود                  أنا متزوج ولي من الأبناء 3 أولاد وبنتان والحمد لله، وزوجتي هي ابنة عمي وقدر الله لنا بمرض أحد الأبناء وعمره الآن 13 عاماً وهو تخلف عقلي، وحسب التقارير الطبية أكد لي الأطباء أن المشكلة هي وراثية، ونصحوني وزوجتي بالتوقف عن إنجاب أطفال جدد؛ وإلا لابد من تكرر الإصابة بطفل مريض آخر، فامتنعنا لفترة ليست بالقصيرة ويقدر الله وتحمل زوجتي وتنجب لنا ابنة مصابة بنفس مشكلة أخوها والحمد لله على كل حال.
سؤالي: هل مجرد التفكير في نصيحة الأطباء بالامتناع عن الحمل معارض للقضاء والقدر؟ وإذا كان الجواب لا فما رأيكم في إنجاب المزيد من الأطفال المعاقين وخصوصاً أن من لديه أطفال معاقون يعاني بما يعانيه الطفل المعاق، ويجد نفسه لا يستطيع عمل شيء؟

الجواب :                                                                                                           الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد: فالجواب أن ما ذكرته عن تقرير الأطباء من أن ما حصل لك مشكلة وراثية؛ فنقول قد تكون الوراثة سبباً - بإذن الله تعالى - وقد لا تكون، ويدل على ذلك أن أكثر أولادك والحمد لله ولدوا بحالة عقلية جيدة، وقد روي "اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس"، انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3401)، وروي أيضاً : "إياكم وخضراء الدمن" انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14).
هذا ولا يظهر لي أن التفكير في نصيحة الأطباء بالإقلاع عن الحمل فيه معارضة للقضاء والقدر، ذلك أنه يجوز لك الامتناع عن الحمل بالعزل ونحوه، ولو لم يحصل لك شيء مما ذكرت في سؤالك؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والقرآن ينـزل، زاد إسحاق قال سفيان – أحد رواة الحديث -: "لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". رواه البخاري (5209) ومسلم (1440) وروى مسلم في صحيحه (1439) عن جابر – رضي الله عنه - أن رجلاً أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل؛ فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فليست الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية قد حبلت قال : قد أخبرتك : أنه سيأيتها ما قدر لها.
هذا العزل هو النـزع والإنزال خارج الفرج، أقول وبناءً على هذا فإنه يجوز لك الامتناع عن الإنجاب بالعزل أو نحوه مما هو معلوم، لا سيما وحالتك ما ذكرت، ولك أن تتزوج أخرى غير قريبة إن شئت، وعليك الإيمان بالله تبارك وتعالى وبقضائه وقدره وبأنه لا يرد حذر من قدر وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله أعلم.

 

سئل الشيخ د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء                             السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
أنا شاب يسر لي الله الزواج من فتاة مؤمنة صالحة، وبعد مدة ليست بالقصيرة عرفنا أن الحمل والولادة يشكلان خطراً على حياة زوجتي، وذلك بسبب عيب خلقي غير ظاهر، والذي وددت السؤال عنه هو: هل يمكننا أن نمنع الحمل بإحدى الطرق المتوافرة حتى لا تتعرض حياة زوجتي للخطر؟ وهل من محظور شرعي في المسألة؟ أفتونا -أثابكم الله-.

الجواب :                                                                                                              إذا كان الحمل يعرض حياة زوجتك لخطر فلا مانع من منع الحمل؛ لقول الله –تعالى-:"فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16]، ولقوله –تعالى-:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286].

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود                   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ لدي سؤال أود طرحه وهو أنني، قبل عدة شهور أسقطت الحمل بناء على رغبة مني ولكنني تبت إلى الله واستغفرت لذنبي وبعد شهور أخذت تراودني أحلام أنه يخرج من بطني خرز ملون، وشرائح لحم وخيوط وأنا الآن خائفة من هذه الأحلام فما رأي فضيلتكم هل هذه الأحلام قد تكون سحراً أو لأنني أسقطت الجنين أفتوني جزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالاعتداء على الجنين جريمة عظيمة أدخلها بعض أهل العلم في الوأد الذي قال الله فيه "وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9].
وعلى كل فالسائلة عرفت والحمد لله أن هذا لا يجوز وقد ذكرت أنها تابت من ذنبها واستغفرت وهذا شيء طيب تشكر عليه.
لكن ليعلم أنه لا تكفي التوبة في هذا بل لابد من دفع دية الجنين وهي يسيرة والحمد لله فهي غرة عبد أو أمة لما روى البخاري (5758) في صحيحه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو أمة، والغرة قيمتها خمس من الإبل روى ذلك عن عمر وزيد – رضي الله عنهما – فعلى الأم التي أسقطت جنينها بل ولو تسببت كشرب دواء ونحوه فعليها دفع تلك الدية التي هي خمس من الإبل لورثته ما عداها فلا ترث هي منها شيئاً وقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وإن شربت الحامل دواءً فألقت جنينا فعليها غرة لا ترث منها بلا خلاف قاله في الشرح. هذا وما ذكرته السائلة من وجود أحلام مزعجة هذه ليست سحراً وستذهب إن شاء الله تعالى بعد دفع الدية المذكورة والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة لمثل هذا والندم على ما فات والتوكل على الله، فالله سبحانه مع التوبة الصادقة يغفر الذنوب جميعاً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد                      هل يجوز أخذ حبوب إنجاب التوائم؟

الجواب :                                                                                                              لا يظهر لي مانع من أخذ هذه الحبوب، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر على المرأة، ويتم تحديد الضرر بواسطة الطبيبة المختصة أو الطبيب عند الحاجة، وذلك لأن حصول التوائم مظنة الضرر، فيحتاج إلى معرفة رأي الطبيب في حصول الضرر وعدمه، ولو رضيت المرأة بما يقسم الله لها من ولد أو أكثر، كان ذلك أولى. والله أعلم.

سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود                     ما حكم منع الحمل من قبل الزوج بدون سبب شرعي أو صحي لكلا الطرفين والرغبة من الزوج؟ علماً أني الزوجة الثانية ولديه من الأطفال ستة بنين وبنات وحالته المادية ممتازة؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                              لا يجوز له أن يمنعك من الحمل والحال كما ذكرت،ِ والإنجاب حق للمرأة كما هو حق للرجل، وإذن المرأة في تأخير الإنجاب معتبر ولذا قال العلماء: "لا بعزل عن الحرة إلا بإذنها" وعليك التفاهم مع زوجك بالحسنى وتذكيره بحقك الشرعي، والاتفاق على مدة محددة للتوقف عن الإنجاب يعدك بعدها بترك الموانع. والله يوفقك.

سئل الشيخ راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف                                          أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، من رجل ظننته صالحاً وتقياً، كنت أحسبه كذلك، وفي يوم فوجئت بوجود محادثات جنسية بين زوجي وبين فتيات كافرات أوروبيات على النت! وكانت مفاجأتي كبيرة لما رأيت...، وحيث إني كنت متغيبة عن البلد (أي بعيدة عنه) لمدة شهر ونصف، لا أعلم لأي حدٍّ امتدت هذه العلاقات، ولكني قد طلبت الطلاق، وأثناء تدخل الأهل لإصلاح البين، فوجئت بأني حامل، كما فوجئت بأن زوجي لم يترك أو يقطع هذه العلاقات بعد!
سؤالي: ما حكم طلبي للطلاق هنا؟ وهل يعتبر طلب طلاق بدون سبب؟ حيث إني أشعر بأني لا أحترمه، وأصبحت أنظر إليه باحتقار شديد،
وسؤالي الثاني: ما حكم الإجهاض في هذه الحالة؟ علما بأن عمر الجنين 3 أسابيع فقط، أفيدوني في أقرب وقت؛ لحاجتي الشديدة لمعرفة الإجابة في أقرب وقت ممكن - جزاكم الله عنا كل الخير - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



الجواب :                                                                                                             الحمد لله وحده، وبعد..
أما جواب السؤال الأول فإذا كان كره المرأة زوجها لما رأت منه، وطلبها الطلاق لأجل هذا السبب، فإن طلب الطلاق جائز في هذه الحالة، ولكن أفضل منه نصحه، ووعظه ودعاء الله له بالهداية؛ علَّ الله أن يرحمهما بتوبة هذا الرجل، ولا ينطبق عليها قوله – صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان –رضي الله عنه-.
أما جواب السؤال الثاني: فلا يجوز الإجهاض في هذه الحالة، وتستعين بالله، وتحاول استصلاح زوجها، أسأل الله أن يصلح حالهما، ولتعلم الأخت الكريمة أن النساء فتنة، وأن عليها إعانة زوجها وإبعاده عن مواطن الريب، ووسائل الإثارة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.



سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود              زوجتي كانت حاملاً، وفي يوم قامت برش المنزل بمبيد الحشرات ، اليوم التالي أصابها التعب ونقلت إلى المستشفى بسبب تعرضها المباشر لرائحة المبيد، تطور الأمر وحدث نزيف ونزل الجنين، وبعد يومين ظهر جنين آخر ونزل نزيف ثان، وفي النهاية نزل الجنين الثاني حسب رواية الطبيب، عمر الجنين لم يتعد ثلاثة أشهر، للمعلومية كان هناك عدم استقرار للجنين منذ البداية، وقد تعرضت زوجتي للتعب وراجعت الطبيبة قبل هذا الحادث.
السؤال هل زوجتي عليها ذنب فيما حدث؟ وإذا كان كذلك فماذا عليها أن تفعل؟ وشكراً.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال فليس على زوجتك أي شيء والحمد لله، لأنه لم يحصل منها قصد أو تسبب للإسقاط، وعليها مستقبلاً أن تتجنب كل ما يؤثر عليها أو على جنينها، وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.



سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد                      ظهر في الأسواق الآن شيء يستخدم لمنع الحمل، وهو عبارة عن لصقة صغيرة أصغر من راحة الكف، توضع في أي مكان بالجسم، وتترك شهراً كاملاً ثم تستبدل، وهي ضد الماء، ولا تتحرك من مكانها إلا إذا أردنا، وأنا أود استخدامها؛ لأنها سهلة، فهل يجوز ذلك لأنها قد تمنع وصول الماء إلى البشرة أثناء الغسل؟.- وجزاكم الله خيراً-.

الجواب :                                                                                                              لا بد من إزالة هذه اللصقة إذا كانت في مواضع الوضوء؛ حتى يصل الماء إلى العضو المراد غسله، وكذلك لو كانت في غير مواضع الوضوء، واحتاجت المرأة إلى الغسل الواجب فلا بد من إزالة هذه اللصقة، ولا يظهر لي إلحاقها بالجبيرة ليمسح فوقها؛ لأن الجبيرة إنما توضع حماية لما تحتها؛ خشية وصول الماء إليها؛ لأنه يحصل الضرر بذلك، بينما الغاية من وضع اللصقة الواردة في السؤال هو منع الحمل، أو تنظيمه على الصحيح، وهذا أمر يتم باللصقة وبغيرها من موانع الحمل، فلا بد من إزالتها عندما يُحتاج إلى غسل ما تحتها، ولا يكفى المسح فوقها، لكن لو وصف لها الطبيب الثقة هذه اللصقة وأخبرها بأنه لا بد لها من منع الحمل في هذه الفترة أو كان فعلاً يشق عليها الحمل في فترة مؤقتة، وأخبرها الطبيب أنه لا يقوم مقام هذه اللصقة غيرها من الأدوية، فيجوز استخدامها في هذه الحالة فقط، وفي الختام أشير إلى أن منع الحمل بالكلية، والسعي إلى قطع النسل لا يجوز؛ لعموم الأحاديث التي تحث على تكثير النسل، كقوله – صلى الله عليه وسلم-: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم"، وفي حديث آخر: "تزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم" الحديثان عند أبي داود (2050)، والنسائي (3227)، وابن ماجة (1846) عن معقل بن يسار وأبي هريرة – رضي الله عنهما – وانظر صحيح الجامع (2940-2941-جـ/ص 566)، وكذلك أحاديث النهي عن التبتل والاختصاء؛ أما تنظيم النسل بالتوقف عن الإنجاب لفترة مؤقتة كسنة أو سنتين، ولغرض صحيح، كإراحة الأم من تعب الحمل المتواصل، فلا حرج في ذلك شرعاً. والله أعلم.

 

سئل الشيخ د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية                   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ، لي سؤال بسيط قد حيرني كثيراً، وهو: ما الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل وما حكم الشرع فيهما، وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                          الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فتحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز؛ لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل؛ ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها. أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك، وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة؛ لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا أقول بتحريمه؛ لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى. أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل) والعزل سبب من أسباب منع الحمل. والله أعلم وأحكم.
وأنقل لك قرارهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بهذ الشأن:
أولا: قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13/4/1396هـ:
نظراً لأن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومِنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثه المعد للهيئة والمقدم إليها، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعبادة، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن المجلس قرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية إملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضار معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره، عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب دواء لإلغاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثانيا: قرارمجمع الفقه الإسلامي رقم: 39 (1/5): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي:
أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم. والله أعلم
قرار رقم: 39 (1/5)، بشأن تنظيم النسل. انظر: مجلة المجمع (ع 4 ، ج1 ص 73).

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود                    أنا أم لأربعة أطفال، وقد حملت بطفلة خامسة، وقد ذكر لي الطبيب أنها مريضة أثناء الحمل وأنا في الشهر السادس ومرضها يعرف باسم سندراروم يعني: عدد الكروموسومات غير مكتمل (5x45) أي: ينقصها كروموسوم واحد، ونتيجة ذلك أن هذه البنت تخرج وشكلها غير طبيعي قصيرة جداً ووجهها ورقبتها متورمة ولا يمكن أن تحيض، أي: لا يمكن أن تحمل أبداً، وأيضاً عندها مرض في القلب، وسببت لي زيادة في المويات مما أتعبني وزاد من نبضات قلبي وأضعف عضلات قلبي،
مع أن الدكتور يرجح عدم استمرار الحمل أو موتها بعد خروجها بزمن قصير. أرجو التأكد من مثل هذه الحالة.
الجواب :                                                                                                           اعلمي أنه إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر تنفخ فيه الروح كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح...." الحديث البخاري (3208) ومسلم (2643).
فالجنين بعد الأربعة الأشهر يكون إنساناً قد كمل خلقه فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كاملة الخلق، وبناء على ذلك فلا يجوز إسقاطه أو التسبب لإسقاطه ولو كان المقصود منه التخلص من الطفل المشوه -كما ورد في السؤال-.
وإنما يجوز إسقاطه في حالة واحدة، وهي: ما إذا قرر جمع من الأطباء الموثوقين المختصين أن بقاء الجنين في بطن أمه يشكل خطراً عليها وبعد استنفاذ كافة الوسائل الأخرى لإنقاذ حياتها فهنا يتوجه القول بالجواز دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين.
هذا وأوصي السائلة بتقوى الله والتثبت في الأمر إذ ليس كل ما قاله الطبيب أو قرره يكون صحيحاً لاسيما إذا كان واحداً، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

 

سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء                                                  ما حكم تحديد النسل - بالنسبة لي أنا كأب – لأسرتي، كأن أحدِّد عدد الأبناء إلى خمسة؟ أفيدونا. جزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                           تحديد النسل لا يجوز بحال من الأحوال وهو محرم، واعتراض على إرادة الله سبحانه وتعالى، مع أن الله -سبحانه وتعالى-في حكمه، وفي إرادته لا يستطيع أي أحد أن يقف أمام إرادة الله، لكن هذا سوء أدب مع رب العالمين، وفي نفس الأمر نحن نقول بأن الموضوع بحث في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وفي نفس الأمر حينما بحث الموضوع قسموا الموضوع إلى قسمين: تحديد النسل، وتنظيم النسل، أما تحديد النسل بأن يقول: والله أنا أكتفي بولدين، بثلاثة أولاد، بأربعة أولاد، وفي نفس الأمر يكفيني هذا الشيء فهذا محرم ولا يجوز، وقد كاد إجماع فقهاء المسلمين أن يقع على تحريم ذلك، وأنه لا يجوز.
وأما تنظيم النسل بحيث إنه يقول: أريد أن يكون النسل بعد سنتين، أو ثلاث سنوات حتى يكون للمرأة قوة على أن تستعيد صحتها، ويكون لها كذلك مجال وفرصة لتربية ولدها، (رضيعها الصغير)، فنقول: هذا لا بأس به، وهيئة كبار العلماء أخذت بجواز ذلك، وأصدرت قراراً بجواز تنظيم النسل للحاجة، وبتحريم تحديد النسل مطلقاً. والله أعلم.


سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة                                                 انقطعتْ عني الدورة في شهر 12، وتم التحليل في نهاية شهر واحد، وظهر موجباً، أي أني حامل، عندها منعتني الطبيبة من الجماع؛ وقاية من الإجهاض، فعند ذهابي إلى البيت طلب مني زوجي مجامعته، رضخت لكلامه مع الحرص بعدم الحركة حتى لا يكون الضرر، ولكن بمجرد الانتهاء زاد الدم، زادت كمية العلاج والإبر، وألزمتني براحة، بعدها تم الكشف مرة أخرى، فُوجِدَ الكيس لم يكبر وأخذ بالانكماش، فقالت: إما أن يكون مات أو سقط أثناء نزول الدم، علماً بأنه لم يتجاوز عمره أربعة أسابيع، والوقت من آخر دورة حتى نزوله ثلاثة أشهر. هل أكون قد تعمدت إنزاله أنا وزوجي وعليَّ صيام شهرين أم ماذا؟.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كان الإجهاض قبل مرور أربعة أشهر على الحمل فلا يكون إسقاطه قتلاً تجب فيه الكفارة؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح، كما فهم ذلك أهل العلم؛ إذ نقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، فتح الباري(11/490)، وروى ذلك صريحاً عن الصحابة – رضي الله عنهم- كما قاله ابن رجب في جامع العلوم والحكم" (ص51)، ويدل له حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- المرفوع: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح" متفق عليه عند البخاري (3208)، ومسلم (2643).
وحيث إنه سقط خلال الأربعين يوماً الأولى فهو في طور النطفة، وهي يجوز إلقاؤها عند الجماع بالعزل، ولذا فإنه ليس عليك ولا على زوجك كفارة. والله الموفق والهادي.




 

4- حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها

 

سئل الشيخ د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين                                     هل للزوجة حق شرعي في منع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، فإنني أذهب في الأسبوع مرة أو مرتين، لأننا في الغربة، والذين أزورهم من أبناء بلدي، وعملي لفترة واحدة، وفي المساء أكون مع عائلتي، وعندما أقرر الذهاب خارج البيت تقول زوجتي هذا الوقت من حقنا، وتشعرني هذه الكلمة بأنني قصَّرت معها، فأذهب وفي داخلي ضيق شديد، لا أعرف هل لها حق في كل وقتي؟ أم من حقي الذهاب إلى أصدقائي، ما هو قول الشرع في هذه الحالة؟

الجواب :                                                                                                                               الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فيا أخي محمد، إذا أردت حكم الشرع في هذه المسألة، فإنه ليس للمرأة أن تمنع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، سيما إذا كان جلوسه معهم على غير معصية الله تعالى، لأن القوامة للرجل، قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء" [النساء: 34]، لكن أوصيك يا أخي الحبيب بمرافقة أهلك، سيما وأنتم في أرض الغربة، فإنهم يحسون بالوحشة والبعد عن أهلهم، فلا تكثر من الخروج إلا للضرورة، وإذا خرجت فلا تتأخر عليهم، لأنه ربما يحدث لهم شيء في غيابك، واعلم أن حرص زوجتك عليك نابع من شدة حبها لك، ورغبتها أن تكون بقربك دائماً، وفقك الله لكل خير.


سئل الشيخ أ.د.حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. فهل يجوز أخذ المال من الأم إذا كانت تسرقه من أبي؟ وهل يجوز أخذه من أبي إذا كان لا يعدل بيني وبين إخوتي؟ رغم أنه يعطي بعضهم أكثر مما يعطيني، ويعطي البعض الآخر أقل من ذلك.

الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: لا يجوز للزوجة أن تسرق من مال زوجها شيئاً، وفعلها محرم إلا إذا كان الزوج موسراً، أو لأنه بخيل شحيح، لا يسد حاجة زوجته وأولادها، فلها أن تأخذ من ماله من غير علمه بقدر الضرورة الشرعية وسد الحاجة، استدلالاً بحادثة زوجة أبي سفيان –رضي الله عنهما- إذ جاءت إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- وقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل لي أن آخذ من ماله ما يكفيني وأولادي فقال – صلى الله عليه وسلم-:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه البخاري (5364)، ومسلم (1714) من حديث عائشة –رضي الله عنها- أما أخذك من مال أبيك من غير علمه فلا يجوز، وإن ظهر لك أنه لم يعدل بين أبنائه، فإن كان كما تقول فعليه وزر ذلك، لكن هذا لا يسوغ لك أخذ المال من غير معرفته وعلمه، وعليك أن تكلمه بالحسنى والرفق والأدب، وتفهم منه لماذا يفرق بينكم في النفقة، هذا والله أعلم بالصواب.

سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود               السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز لي أن أقدم استقالة زوجتي إلى عملها مكتوبة باسمي؟ وذلك لأن تلك الوظيفة وراتبها سبب بيني وبين زوجتي مشكلة وسببت تلك الوظيفة تفرقة بيننا في كثير من الأيام وكذلك أنا محتاج بأن تكون زوجتي بالقرب من أولادي لتقوم بشؤونهم وشؤون زوجها.
فأرجو إفادتي هل يحق لي أن أقدم استقالة زوجتي من تلك الوظيفة مكتوبة باسمي وذلك لظروفي التي أوضحتها؟ رعاكم الله.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم إن كنت تزوجتها وهي تعمل، أو شرطت العمل عند عقد النكاح فليس لك التعرض لعملها ومضايقتها فيه فإن هذا من المضارة المحرمة، وقد دخلت في الأمر على بصيرة فليس لك المزايدة بعد ذلك على راتبها أو عملها، كما أنه ليس للزوج أن يقدم هو استقالتها بغير إذنها، لأن الوظيفة وظيفتها وهي تامة الأهلية، وإني أرى للسائل الكريم – من باب النصح له – ألا يسلك مثل هذه الطرق في حل مشاكله الزوجية، بل عليه بالرفق واستعمال الحكمة، لأن الشدة والعنف – في غالب الأحوال – لا تحمد عواقبها، ولو تم لك إقالتها من عملها على نحو ما ذكرت، فمن المرجح ألا تحل مشاكلكم، بل يغلب على الظن أن تزيد وتتعقد، ولا تنس مقولة نبيك – صلى الله عليه وسلم – لزوجه أم المؤمنين – فيما أخرجه مسلم (2594) وغيره (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطى على ما سواه) وفي لفظ (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينـزع من شيء إلا شانه) فاستعمل أخي الكريم الرفق والتسديد والمقاربة، ولو أن تتنازل عن بعض حقوقك، أسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشداً، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية             هل صحيح أن المسلم إذا تزوج كتابية (نصرانية) وبقيت على دينها وكتب في العقد أن ديانتها المسيحية فليس لها حقوق مادية إذا طلقها كما أخبرنا القاضي الشرعي في المحكمة الأردنية أثناء عقد الزواج؟ وإذا كان هذا غير صحيح شرعاً، فهل يجوز استخدامه من قبل المحكمة الشرعية لدفع النصرانيات إلى الإسلام؟ ولكم جزيل الشكر.

الجواب :                                                                                                            أقول  وبالله  التوفيق:
يَشْترط  الإسلام  لصحة  الزواج  من  الكتابية  نصرانية  أو  يهودية  أن  تكون  محصنة  بمعنى  أن  تكون  عفيفة  "محصنات  غير  مسافحات  ولا  متخذات  أخدان"  قال  الله  تعالى  في  الآية  (5)  من  سورة  المائدة:"اليوم  أحل  لكم  الطيبات  وطعام  الذين  أوتوا  الكتاب  حل  لكم  وطعامكم  حل  لهم  والمحصنات  من  المؤمنات  والمحصنات  من  الذين  أوتوا  الكتاب  من  قبلكم  إذا  آتيتموهن  أجورهن  محصنين  غير  مسافحين  ولا  متخذي  أخدان"  [النساء:25]  وإذن  فعقد  الزواج  يرتب  للزوجة  حقوقاً  منها  الصداق  والنفقة  والمعاشرة  بالمعروف  والعدل  بينها  وبين  غيرها  إن  كانت  له  زوجة  أخرى  وإذا  كان  عقد  الزواج  يرتب  حقوقاً  للمرأة  فإن  الطلاق  أيضاً  يرتب  لها  حقوقاً  أخرى  وهذه  الحقوق  هي: 
(1) 
مؤخر  الصداق.
(2) 
نفقة  العدة.
(3) 
أجرة  الرضاع  إن  كانت  ترضع  ولداً.
(4) 
أجرة  الحضانة.
(5) 
متعة  الطلاق.
ومتعة  الطلاق  مفصلة  من  حيث  مقدارها  وأحكامها  في  كتب  الفقه  وفي  بحث  لنا  بعنوان  (متعة  المطلقة  في  الفقه  الإسلامي)  مجلة  أضواء  الشريعة  العدد  (9)  جامعة  الإمام  محمد  بن  سعود  الإسلامية،  والله  أعلم،  وصلى  الله  وسلم  على  نبينا  محمد  وعلى  آله  وصحبه  وسلم.

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى  أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية      ما حق الزوج في راتب زوجته الموظفة، خصوصاً إذا كان متزوجاً من زوجة ثانية ويصرف عليها، وعندما أطلب منه المال يقول: أنتِ موظفة يجب أن تصرفي على نفسك وتساهمي معي أيضاً في المصاريف الأخرى ؟

الجواب :                                                                                                                لا حق للزوج في راتب زوجته؛ لأنه مالها، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، وعلى الزوج نفقة زوجته وسكناها بالمعروف ولو كانت من أغنى الناس، وهذا بإجماع العلماء لقوله – تعالى -: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " الآية [الطلاق : 7]، ولقوله – تعالى -: " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء : 34] ولما رواه مسلم (1218) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:" فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
هذا وعلى زوجك أن يتقي الله - تعالى - ويؤدي ما وجب عليه تجاهك، ولا يطلب ما ليس له فيه حق إلا ما أعطيته عن رضا منك وطيب نفس، والله أعلم .

 

سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود  القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة                                               ما كفارة حلفان الزوجة لزوجها(تحرم عليّ ليوم الدين)؟.

الجواب :                                                                                                              الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
فإن المرأة السائلة تسأل عن كفارة حلفان الزوجة لزوجها: تحرم علي ليوم الدين، وهذا اللفظ صادر منها لزوجها، فأقول إن ذلك من باب التحريم لما أحل الله وكفارته كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام على هذا الترتيب، الاثنتان الأوليان على التخيير وذلك للآية في سورة المائدة، وكذلك لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"[التحريم:1-2]، وأنصح السائلة بترك مثل هذه الألفاظ حتى لا توقع زوجها في الحرج. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري  عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية       كيف هو الحب بين الزوجين في الإسلام وما هي صفته ؟ وهل من ذلك أن يحقق الزوج الطلبات الكمالية؟ وهل من معناه أن تهب عينيك عند الطلب إذا احتاج الأمر كتعبير عن حقيقة المحبة؟

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وبعد ، فإن الحب بين الزوجين في الإسلام مطلب مقصود للشارع الحكيم، إذ به تقوى أواصر المودة والتلاحم بين الزوجين، وهي ضرورية لقيام كيان الأسرة واستقرارها وعمل أساسي في بقاء وديمومة الحياة الماتعة الفاعلة لبيت الزوجية، كما هي بالغة الأثر في صياغة شخصية الأبناء والذرية ومدى صلاحهم الديني والاجتماعي والنفسي، والأصل في كل هذا قوله –تعالى-:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ... " الآية [الروم:21] وكان -عليه السلام- يحب نسائه ويبادلنه الحب، ففي الصحيح من حديث عائشة –رضي الله عنها- قوله -عليه السلام- لابنته فاطمة –رضي الله عنها- "أي بنية ألست تحبين ما أحب"؟ فقالت: بلى قال:" فأحبي هذه" يعني عائشة –رضي الله عنها- والحديث رواه البخاري (2581) ومسلم (2442)، وفي الصحيح كذلك من حديث عمرو بن العاصرضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال "عائشة ..." الحديث رواه البخاري (3662) ومسلم (2384)، وروى مسلم (2435) من حديث عائشة – رضي الله عنها – ما غرت على نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا على خديجة، وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوماً فقلت: خديجة؟ فقال: إني قد رزقت حُبها" والمقصود أن الحب القائم على اللطف والشفقة والمودة والرحمة بين الزوجين مطلب محمود، وغرض مقصود -كما تقدم- إلا أن من المهم جداً في هذه القضية أن يكون الحب المتبادل بين الزوجين تابعاً لحب الله -تعالى- وحب رسوله -عليه السلام- بمعنى أن تُقَّدم محاب الله ومحاب رسوله على محاب الزوج، وأن يظل هذا الأخير في حدود السائغ المشروع، وألا يتجاوز النطاق المأذون به شرعاً خشية أن يتحول الحب إلى عامل هدم يقوض بناء الأسرة ويجعلها في مهب الريح، ولا عجب فبقاء الأسرة وسعادة الزوجين مرهون بمدى التزامهما بأمر الله وسنة رسوله الكريم -عليه السلام- ألا إن من علامات صدق الحب بين الزوجين أن يحرص كل واحد منهما على ما ينفع الآخر في دينه ودنياه، فيتبادلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وأن يُبصّر كلُّ واحد منها الآخر بعيوبه بالكلمة الطيبة ، والقول الجميل، وفي قالب من التقدير والاحترام والرفق والتبجيل .
كما أن مما يحقق المطلوب حسن الملاطفة والعشرة بالمعروف والقيام بحق الطرف الآخر المتقرر له شرعاً، كقيام الزوج بواجب النفقة والسكنى وتلبية متطلبات الحياة المعيشية في حدود قدرته المادية :" لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها " [الطلاق:7] وإن لبّى بعض متطلباتها الكمالية من غير إسراف ولا تبذير فحسن، مع الحذر التام من متطلبات محظورة شرعاً كأجهزة اللهو والفساد كالدشوش والمجلات الهابطة ونحوها، كما أن من واجب الزوج صيانة زوجه من التبرج والسفور وذرع الأسواق جيئة وذهاباً دون حاجة ملحة أو بدون محرم، وليثق أخونا السائل وغيره أن ما ذكرته هو الحب الشرعي الحقيقي، لا ما تروجه وسائل الإعلام وتفرضه المشاهد والأفلام، وتصوره الروايات الهابطة والكتابات الساقطة، والتي تدور معظمها على أساس تجسيد مبدأ الحب قبل الزواج، وتجعله عامل النجاح الأول للحياة الزوجية المستقبلية!! ناهيك عن مكر ودهاء بالغين توهم من خلاله المتابع والمتلقي أن ممارسات وتصرفات معينة يقوم بها الطرفان كفيلة بإضفاء السعادة والحيوية في عش الزوجين الجديدين أبرزها تبادل الزيارات المختلطة مع الأقارب والأصحاب، وملاحقة أحدث ما تقذف به بيوت الأزياء العالمية من ثياب الخلاعة والمجون -والعياذ بالله- .
والله أسأل أن يرزقنا حبه وحب ما يحبه، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ويجعلنا للمتقين إماماً، وصلى الله على محمد وآله وصحبه .

 

سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح                                                          إحدى قريباتي متزوجة منذ ثلاث سنوات، واتضح بعد سنتين من الزواج، وبعد عدة تحاليل -لا تدع مجالاً للشك- أن زوجها عقيم، السؤال: هل يلحقنا أي إثم حال طلبها للطلاق؟ حيث إنها غير راضية إطلاقاً أن تعيش دون أولاد، جزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                             الحمد لله وحده، وبعد:
فلا شك أن من حكم مشروعية الزواج إنجاب الأولاد فهم من زينة الحياة الدنيا، وعقم الزوج يبيح للزوجة أن تطلب منه الطلاق أو الخلع، فإن لم يجبها فلها التقدم للمحكمة الشرعية لطلب فسخ النكاح –هذا إن لم تصبر وتحتسب-، ولكن قد يترتب على الفراق بعض الأمور المادية إن لم يرضَ الزوج بفراق زوجته دون عوض، وذلك لكون طلب الفرقة بناء على رغبة الزوجة، فعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "فتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم، فردت عليه، وأمره ففارقها" رواه البخاري (5276)، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

سئل الشيخ د. سليمان بن قاسم العيد  عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود                               السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب ظروفي المعيشية صعبة، لكن – الحمد لله – على كل حال، وجدت عملاً شريفاً بإحدى الدول الأوروبية، لكن هناك من قال لي إن الشرع لا يبيح لي ترك زوجتي أكثر من ستة أشهر لتجنب الفتنة، مع العلم أني عاقد العزم على إلحاق زوجتي وابني بي حالما تتيسر الظروف بإذن الله، أرجو إجابتي في أسرع وقت، وجزاكم الله كل خير.

الجواب :                                                                                                            أخي السائل حفظك الله ورعاك ، اعلم أن بعض أهل العلم وقتوا للرجل أن يغيب عن
زوجته ستة أشهر، لما في حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، "حين سأل ابنته : يا
بنية؛ كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر؛ يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر ويرجعون في شهر" انظر: مصنف عبد الرزاق (7/151 – 152)، والبيهقي (9/29) وموسوعة فقه عمر (236). وسئل أحمد كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال يروى ستة أشهر، وقد يغيب أكثر من ذلك لأمر لا بد له منه. ويلحق بذلك الحج، وطلب رزق محتاج إليه، نص عليه إن لم يكن عذر؛ يعني: إذا كان له عذر لا يلزمه القدوم، لأن صاحب العذر يعذر من أجل عذره.
والأولى لك أيها السائل أن تأتي إليها بين حين وآخر، إن كان ذلك لا يشق عليك.

 

سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود  القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة                                             يعيش رجل وزوجته في بيت واحد دون مودة ولا محبة ولا جماع، وكل منهم ينفق على نفسه من ماله الخاص، وفضّلا هذا الوضع على الطلاق من أجل أطفالهما واستمر هذا أكثر من عشر سنوات، في ظل هذا كله هل الزواج لازال شرعيا؟ وهل يمكن بالتالي أن يعود لمعاشرتها؟ ولكم جزيل الشكر.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فإنه ما دام أنها لا تزال في عصمتك ولم يصل طلاق البتة فإنه مهما كان من طول الفرقة من عدم نفقة أو محبة أو جماع ولو عشرات أو مئات السنين فهي زوجة لك تحل لك في كل حين، ولا مانع من العودة إليها ومعاشرتها، وأسأل الله عز وجل أن يصلح حالكما وأن يجمع بينكما على الخير، وأوصيك بتقوى الله في السر والعلانية والمحافظة على الصلوات وأداء الواجبات وفعل الخير، فإن الله تعالى وعد المتقين فقال سبحانه: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2-3]، ويقول تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" [النحل: من الآية97]، فمن أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله تعالى له ما بينه وبين الناس جميعاً والله هو الموفق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية       أنا رجل متزوج ، وأمتلك طاقة قوية للجماع، ولكن المشكلة أن زوجتي لا ترغب في المعاشرة الزوجية بكثرة، ودائماً يثار بيننا الجدل حول هذا الموضوع، وتقول بأنني أنا المعيب حيث إن شهوتي قوية. فما نصيحتكم لها، وجزاكم الله خيراً .

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد فالجواب عن السؤال بعاليه كالتالي: زواجك ثانية إلى أربع مباح شرعاً إذا علمت من نفسك أو غلب على ظنك أنك ستعدل - إن شاء الله - قال – تعالى -: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" [النساء : 3] وما ذكرت من مشكلتك مع زوجتك بخصوص رغبتك في كثرة الجماع وعدم رغبتها فالواجب على كل منكما معاشرة الآخر بالمعروف، قال – تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء : 19]. وقال - سبحانه -: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] هذا وللزوج الاستمتاع بزوجته في القبل ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، ولهذا نهيت المرأة أن تصوم صوم تطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه فيما رواه البخاري (5192) ومسلم (1026) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
هذا وجاء في كشاف القناع للبهوتي (ج5، ص 188) ما نصه: (فإن زاد الزوج عليها في الجماع صولح على شيءٍ منه لأنه غير مقدر ... قال الشيخ تقي الدين (يعني ابن تيمية ) فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد، وجعل عبد الله بن الزبير –رضي الله عنه- لرجل أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، وصالح أنس –رضي الله عنه- رجلاً استعدى على امرأته على ستة). انتهى محل الغرض منه .
هذا ونصيحتي للزوج أن يراعي ظروف امرأته فإذا كانت تكره الجماع أو يضر بها فينبغي ألا يكثر منه، كما أن على الزوجة أن تراعي ظروف زوجها ما دام يرغب في الجماع بل وقد يخشى على نفسه، هذا ونقول للزوجة: علمتِ ما جعله ابن الزبير –رضي الله عنه- وما صالح عليه أنس –رضي الله عنه-، وزوجك كما جاء في السؤال يكتفي بالمرة الواحدة في اليوم والليلة وهذا ليس فيه ضرر عليك . والواجب عليك الصلح معه فهو أفضل لك من أن يتزوج عليك أخرى، والله أعلم .

 

سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى                                      هل خدمة الزوجة لوالدي الزوج واجبةٌ؟ أم تقوم بها من منطلق إرضاء الله تعالى، وجزاكم الله خير الجزاء.

الجواب :                                                                                                            ليس على الزوجة خدمة والدي زوجها، ولكنه المعروف والإحسان وإكرام الزوج، وكل ما تفعله الزوجة في معاملة أقارب زوجها هو دين يسدده زوجات أبنائها في وقت تكون في أمس الحاجة له.

 

سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية            عندما تريد أمي الخروج من المنـزل لزيارة الأقارب أو غيرهم، تستأذن من الوالد ولكنه يرفض بدون سبب، وإذا خرجت إلى أي مكان ولم تخبره لا يبدو عليه زعل ولا يناقشها في عدم استئذانها وكأن شيئاً لم يكن، يعني: "إذا استأذنت يرفض، وإذا لم تستأذن وخرجت لم يقل لها شيئاً)، أرجو تبيين الأمر، وماذا أفعل مع أبي وأمي؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل أن الزوجة لا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها؛ لقول الله – عز وجل -: "وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ" [يوسف: من الآية25]، فسمى الله – عز وجل – الزوج سيداً، والمسود تحت إمرة سيده، وأيضاً قول الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" [النساء: من الآية34] ، ومقتضى القوامة الاستئذان، وأيضاً ما ثبت في الصحيح أن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنه لا بد من الإذن انظر ما رواه البخاري (2033)، ومسلم (1173) من حديث عائشة –رضي الله عنها- وأيضاً يدل لهذا قول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "إنهن عوان عندكم" يعني: أسيرات، والحديث رواه الترمذي (1163)، وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص.
وإذا كان كذلك فإنه لابد من الاستئذان، وهذا هو الأحوط، وأما قوله: إذا كان لا يأذن.. فأما إذا كان عدم إذنه ليس جاداً وإنما يعرف من القرائن أنه يرضى بذلك، وأنه لا يكرهه ولكنه يأذن إذناًًٍُُ لم يرض عنه تمام الرضا، فإذا كان يفهم من القرائن أنه لا يُكرهه ذلك ولا يُضيقه وأنه يأذن بذلك فإنه لا بأس، والأحوط مع ذلك هو الاستئذان.

سئل الشيخ د.طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية      هل طاعة الزوج أهم من طاعة الوالدين؟علماً أن طاعة الوالدين ثابتة بالقرآن الكريم وطاعة الزوج ثابتة فقط بالحديث الكريم، فهل الحديث ينسخ القران؟ وهل طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالإِحْسَانُ إلَيْهِمَا فَرْضٌ عَلَى الْوَلَدِ ، قَالَ تَعَالَى:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا: أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَجَعَلَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مَقْرُونًا بِذَلِكَ كَمَا قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَالَ : "وَقَضَى رَبُّك أَلا تَعْبُدُوا إلا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا" وَقَالَ : "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ". وَقَالَ الْجَصَّاصُ: وَقَضَى رَبُّك مَعْنَاهُ: أَمَرَ رَبُّك، وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ : وَأَوْصَى بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، لأَنَّ الْوَصِيَّةَ أَمْرٌ ، وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَالَ "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانًا" قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَضَى هَاهُنَا إلا أَمَرَ . وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ": لا تَمْنَعْهُمَا شَيْئًا يُرِيدَانِهِ. وَحَقُّ الطَّاعَةِ لِلْوَالِدَيْنِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، بَلْ هُوَ مَكْفُولٌ - أَيْضًا - لِلْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ ، قَالَ الْجَصَّاصُ فِي قَوْله تَعَالَى "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا". أَمَرَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ النَّهْيِ عَنْ طَاعَتِهِمَا فِي الشِّرْكِ، لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا، وَإِنْ جَاهَدَاكَ على أن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا" اقْتَضَتْ الآيَةُ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ وَالأَمْرَ بِطَاعَتِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، إلا إذَا أَمَرَا بِالشِّرْكِ فَتَجِبُ مَعْصِيَتُهُمَا فِي ذَلِكَ وطَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قِيَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ هُوَ أَنْ يَقُومَ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا ، وَإِمْسَاكِهَا فِي بَيْتِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ الْبُرُوزِ (أَيْ الْخُرُوجِ)، وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُولَ أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً . وَعَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه -"أَنَّ رَجُلا انْطَلَقَ غَازِيًا وَأَوْصَى امْرَأَتَهُ : أَنْ لَا تَنْزِلَ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ ، وَكَانَ وَالِدُهَا فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ، فَاشْتَكَى أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُهُ وَتَسْتَأْمِرُهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَأَطِيعِي زَوْجَك ثُمَّ إنَّ وَالِدَهَا تُوُفِّيَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْمِرُهُ ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ إلَيْهَا : إنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَك بِطَوَاعِيَتِك لِزَوْجِك". وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ : قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ : طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا . أرجو طرح الموضوع للنقاش ..

الجواب :                                                                                                            الأخ الكريم: السلام عليكم. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك ومواصلتك معنا على موقع الإسلام اليوم.
أما عن جواب سؤالك وقد أخضعته للحوار والبحث المفتوح فأقول برأيي الذي أفهمه من نصوص الشرع أن طاعة الزوج مقدَّمة على طاعة الوالدين، طالما أن الزوجة باقية ولايتها في ذمة زوجها، وذلك لأن نصوص طاعة الوالدين لا تتعارض مع نصوص طاعة الزوج، وإنما كل بحسب الحال وهو ما يسمى عند العلماء بالتخصيص، فطاعة الوالدين ثابتة طالما ولاية المرأة تحت والديها، فإذا انتقلت ولايتها إلى زوجها صارت الطاعة لازمة في حقها لزوجها، فهو انتقال حكم من طرف إلى آخر، وأما عن سؤالك هل الحديث ينسخ القرآن؟ فهذه مسألة فيها نزاع بين العلماء، وبيان ذلك أن الحديث النبوي نوعان: آحاد ومتواتر. الأول: نسخ القرآن بالسنة الأحادية، والجمهور على عدم جوازه، وذلك لأن القرآن متواتر يفيد اليقين، والآحاد مظنون ولا يصح رفع المعلوم بالمظنون، والثاني: نسخ القرآن بالسنة المتواترة وقد أجازه أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه لأن الكل وحي، والله يقول: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3-4]، وقال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" [النحل:44]، والنسخ نوع من البيان، ومنعه الشافعي وأهل الظاهر وأحمد في الرواية الأخرى لقوله تعالى : "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها"[البقرة: 106]، والسنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله، ولكن هل حكم طاعة الزوج وتقديمه على طاعة الوالدين وثبوته بالسنة يعني أن ذلك نسخ لما في القرآن؟ في ذلك نظر، وذلك أن من شروط صحة النسخ - ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين فإذا زال زال الحكم، وفي مسألتنا أن المرأة تقدم طاعة الزوج على والديها طالما أنها باقية في ذمته، وبمجرد حدوث الطلاق البائن أو الموت أو الخلع تعود ولايتها لوالديها وتكون طاعتهما لازمة في حقها، ولذلك لا تعد هذه المسألة من صور النسخ، ولعل ما أوردته في سؤالك من نصوص أغناني عن ذكرها والتي تدل على وجوب الطاعة للزوج، والله الموفق والهادي لسواء السبيل، وهو أعلم وأحكم سبحانه.

 

سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية         كنت قد تناقشت أنا وإحدى الأخوات المسلمات في إحدى ساحات الحوار عن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه:إن الملائكة تلعن الزوجة التي تمتنع عن معاشرة زوجها جنسيًّا من دون سبب وجيه، فهذه الأخت ترى أن الإسلام لم ينصف المرأة؛ حيث إنه لا يوجد حديث يقول بلعن الرجل الذي يمتنع عن معاشرة زوجته دون سبب وجيه، فأنا أريد أن أعرف هل هناك نص شرعي من قرآن أو سنة يبين ما هي عقوبة هذا الزوج في هذه الحالة؟ بمعنى هل هناك تحذير له من الله –تعالى- مثل لعن الملائكة أو أن يتوعده الله بعقوبة في الآخرة نتيجة امتناعه عن زوجته؟ فإذا تكرمتم أرجو الإجابة عليَّ سريعاً لو كنتم تستطيعون اليوم، حيث إن النقاش بيننا لم ينته بعد و هي تنتظر، ولا أريد أن أتأخر عليها أكثر من ذلك، وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي تعنينه هو قوله – صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"، والحديث متفق عليه، عند البخاري (3237)، ومسلم (1436) عن أبي هريرة – رضي الله عنه -.
ومعناه ظاهر، ولكن ليس على إطلاقه كما يتوهم بعض الرجال، فليس كلما امتنعت المرأة وأبت دعوة زوجها إلى فراشه فقد حقَّت عليها لعنة الملائكة، بل الوعيد مقيَّدٌ- كما قرر ذلك أهل العلم – بحالة عدم وجود العذر الشرعي.
فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً فلا حرج عليها أن تأبى دعوة زوجها لها إلى الفراش، كما لو كانت في صوم قضاء، أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، أو يزيد من مرضها، أو كانت في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها أن يواقعها زوجها.
والمقصود أنه متى كان الجماع يسبب للزوجة ضرراً بيناً لم يكن عليها من حرج أن تأبى دعوة زوجها إلى الفراش، بل يجب عليها الامتناع عندئذ.
على أنه مع ذلك لا يجوز للمرأة أن تتمنع عن الوطء لمجرد عدم رغبتها فيه، فهي ـ في عدم وجود العذر الشرعي ـ مأمورة أن تستجيب لرغبة زوجها، فإن أبت حقَّ عليها وعيدُ الحديث.
وإنما ورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج؛ لأن الرجل – في الغالب – هو الطالب، والمرأة هي المطلوبة، والرفض لا يُتصور إلا من المطلوب، والغالب أن الرجل هو الذي يدعوها للفراش، وقليلٌ ما تدعوه هي لذلك، وإذا دعته فقليل ما يأبى الزوج دعوتها، ولذا كان الزجر أغلظ على الطرف الذي يتصَّور منه التمنع أكثر؛ لكونه مطلوباً، وهو المرأة.
وورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج لأن الرجل ـ أيضاً ـ لا يتصوَّر منه حصول الوطء إلاّ بانتشار آلته (عضوه)، وبدون ظهور رغبته لا جدوى غالباً من دعوته، بخلاف المرأة؛ فهي محل قابل للوطء والاستمتاع، سواء رغِبت أم لم ترغب، تحرَّكت شهوتها أم لم تتحرَّك.
وكذلك لأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، كما أنه أسرع منها استجابةً للمثيرات والمرغبات. ومنعُه من قضاء وطره وإتيان شهوته أشدُّ ضرراً وأعظمُ مفسدةً من منع المرأة من ذلك، فإن المرأة تصبر، والرجل لا يصبر.
ويشبه هذه المراعاة لحاجة الزوج في الوطء ما جاء في الشرع من كثرة التذكير بحقوق الوالدين، ومن تكرار النهي عن عقوقهما، وتكرار التذكير بالوعيد الشديد على ذلك، فأنت تجد من ذلك ما لا تجد مثله في التذكير بحقوق الأولاد؛ لأن تقصير الناس في حق الوالدين أعظم من تقصيرهم في حقوق الأولاد، ولأن في فطرتهم من دواعي مراعاة حقوق الأولاد والحدب عليهم والرأفة بهم ما لا يحتاجون معه إلى التأكيد على حقوقهم، فلم تكن الحاجة داعية إلى التأكيد على ذلك كما كانت الحاجة داعيةً إلى التأكيد على حقوق الوالدين.
إن النظرة القاصرة التي لا تتجاوز ظاهر الحديث – وهو لعن المرأة التي تأبى دعوة زوجها إلى الفراش- قد لا ترى في الحديث إلا مراعاة مصلحة الرجل فحسب.
بيد أنَّ النظرة العميقة الفاحصة - التي لا تقف عند ظاهر لفظ الحديث ودلالة منطوقه – ترى في هذا الحديث مراعاةً لمصلحة الزوجين جميعاً، لا لمصلحة أحدهما دون الآخر، فالحديث وإن كان ظاهره مراعاة مصلحة الرجل وحاجته، إلا أن مآله فيه مصلحةُ الزوجين كليهما.
وبيان ذلك: أن المرأة العاقلة لا ترضى أن يفرغ زوجها شهوته في غيرها بالحرام، وهي تغار أشدَّ الغيرة لو همَّ زوجها بذلك، فكيف لو وقع؟!.
غير أنه لا يتناسب مع هذه الرغبة والغيرة رفضُها لدعوته إياها لفراشه، فهذا الرفض دافعٌ قوي – وبخاصة إذا تكرر- إلى أن يبحث زوجها عن موضعٍ آخر (غيرها) يضع فيه شهوته ويمارس معه المتعة.
وكلما تمنعت المرأة من زوجها عظُمَ في نفسه الدافعُ إلى قضاء وطره في غيرها، وقد يفضي به الأمر إلى أن تخرج من قلبه، وتصبح العلاقة بينهما سطحية رتيبة؛ كعلاقة الرجل بزميله في العمل، وهذا – قطعاً – لا يضر الزوج وحده، بل يضر الزوجة معه.
إنَّ تفهُّم الزوجة لحاجة زوجها الجنسية وتقبلَها لدعوته- بما لا يضر بها وإن كثُر- يجعله راغباً فيها لا راغباً عنها، منصرفاً إليها لا منصرفاً إلى غيرها. كما أنه يقطع الطريق على وساوس الشيطان أن تتسلل إلى قلبه، فتوسوس له وتزين له الفاحشة، وتجعل من رفض زوجته لإشباع رغبته عذراً له أن يقع في المحظور.
ومن هنا يظهر لنا جلياً أن الحديث يأمر المرأة بما هو مصلحة لها في مآله لو تأمّلت أبعاد هذا الأمر في دلالة الحديث.
على أنه ليس في هذا الحديث – لا من مفهومه ولا من منطوقه- حث الزوج على أن يلح على زوجته في الاستجابة لرغبته، فيقسرها ويكرهها على الجماع، وليس فيه – كذلك- أن له أن يحقِّق رغبته ويقضي وطره كلما عَنَّ له ذلك.
كما أنه ليس من منهج العدل والإنصاف في شيء عند استظهار نظرة الشرع للمرأة أن تؤخذ نصوص من الشرع مجتزأةً تُجعل أصلاً يحكم على الإسلام به، وتنسى أدلة أخرى كثيرة مستفيضة تؤكد للرجال حقوق النساء، وتأمرهم بمراعاتها، وتزجرهم عن التهاون فيها أشد الزجر.
فلا بد – إذاً – أن تستقرأ جميع النصوص الواردة في شأن علاقة الرجل بالمرأة، وفي شأن حقوقها عليه، وحقوقه عليها، ومن استقرأها أدرك بيقين لا يزعزعه شك أن الإسلام أنصف المرأة كما أنصف الرجل، وأعطاها بقدر ما لها من الحق، ولم يأخذ منها إلا بقدر ما عليها.

 

سئل الشيخ د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة                        أنا رجل متزوج، وأفهم أن لي أرحاما تجب عليَّ صلتهم وزيارتهم. فما حكم صلتي لرحم زوجتي ، بمعنى هل يجب علي زيارة أهلها؛ إخوتها وأخواتها وأعمامها وأخوالها؟ أو بصورة أخرى هل تجب على الأنثى صلة رحمها من الذكور؟ أم أنه واجب عليهم هم زيارتها مثلا

الجواب :                                                                                                           أولى الإسلام صلة الرحم أهمية كبيرة؛ لأن البعد الإنساني والعلاقات الاجتماعية ذات أثر كبير في حياة البشر، والإسلام دين شامل، عني بكل ما يحتاجه الإنسان من حوائج حياته ومعاشه، ومن متطلبات فطرته وغريزته، وقد جعل الله – عز وجل – لصلة الرحم أهمية كبرى، ورعاها رعاية عظمى، وكما جاء في قول الله – عز وجل- "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" [النساء:1] وهذه الآية قرن فيها الله عز وجل بين صلة الرحم والتقوى ومراعاة أمر الله -سبحانه وتعالى-.
ومعلوم أن من النصوص التي وردت في صلة الرحم قول الله -سبحانه وتعالى-: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" [محمد:22]، وهذا على سبيل الذم، فيكون سمة الإسلام المدح في صلة الرحم لا في قطيعتها.
وكذلك نجد أحاديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم – تدل على ذلك، كما في حديثه في الحديث القدسي "إن الله -عز وجل- قال خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، وجعلت لها أن أصلَّ من وصلها، وأقطع من قطعها" الترمذي (1907) وأحمد (1662)، وقال الترمذي: صحيح، كما صححه الألباني.
وقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم – عظيم أثر صلة الرحم كما في الصحيحين البخاري (5986) ومسلم (2557) أنه عليه -الصلاة والسلام- قال: "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وغير ذلك من الأحاديث.
والسائل يسأل عن علاقته بأهل زوجته وبوصفهم كذلك من أهل رحمه، ولا شك أن صلته وبره وإحسانه وحسن معاملته لوالد زوجته ووالدتها وذوي قرابتها في الجملة، لا شك أنه من إكرام زوجته ومن حسن عشرتها؛ لأن ذلك يدخل السرور على قلب الزوجة.
ومن جهة أخرى إن كانوا مسلمين فينبغي صلتهم كذلك باعتبار الإسلام وباعتبار قرابة الزوجة، أما الوجوب بمعنى الفرض اللازم، فهذا ليس عليه دليل بحد وقدر معين، كأن يجب أن يزورهم في الأسبوع مرة أو نحو ذلك، فلا دليل يوجبها بالجملة، والحاجة في مثل هذه الأمور غالباً لا ينظر إليها بهذه النظرة الضيقة التي ربما تعتمد على المكافأة، أو بمعنى أن يزورهم مرة في كل كذا ليزوره في كل كذا! كلا هذه قائمة على حسن الصلة والمودة والسماحة (وما لم يدرك كله لا يترك جله)، فإن تعذرت الزيارة لأمر أو لآخر فهناك وسائل الاتصال الهاتفي أو الكتابة مما يحقق الغرض المنشود، من وجود التقدير والاحترام والعناية والاهتمام ونحو ذلك.
أما الزوجة فالذي يجب عليها من البر بر أبويها وبر محارمها وصلة محارمها من أعمامها وأخوالها، لكن دون أن يكون ذلك مؤثراً على طاعة زوجها، ودون أن يكون ذلك مؤثراً على واجبها اتجاه أسرتها، أو معارضا لها في طاعة زوجها، والأصل العناية بالأهم فالمهم، فالوالدان هما الأهم، وهو واجب عليها، وعلى زوجها واجب أن يعينها على بر والديها؛ لأنه إعانة على واجب شرعي.
وأما ما وراء ذلك فإن هذه الأمور بحسب العرف، فإن كان لهذه الأسر لقاء أسري جامع في المناسبات مثل الأعياد وغيرها، فحسن أن تتاح للزوجة الفرصة للزيارة؛ لترى جميع محارمها من الرجال وقرابتها من النساء، وتكون على صلة بهم.
أما إذا كانت زيارة الزوجة لأهلها – ضمن قياس الشرع وليس بالمقياس الشخصي للزوج كأن تترتب عليها مفاسد في دينها، حيث يكون أهلها مثلاً ليسوا حريصين على التزام الإسلام، وقد يحثونها على ارتكاب المعاصي ونحو ذلك، فهذا له أن يمنعها إذا كان هناك سبب شرعي حقيقي، وله أثر غالب في الفساد، وإن كانت صلة الرحم في الأصل ينبغي أن يحرص عليها، حتى مع وجود ذلك؛ بما يعمل على تغيير ذلك الفساد، فقد أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بصلة الأم مع كفرها، انظر البخاري(2620) ومسلم(1003) وهذا هو الواقع في آيات القرآن الكريم كما نعلمه: "وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:15] والله أعلم.



 

5- تعدد الزوجات

سئل الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية            أنا لدي زوجتان، وبالنسبة للعدل بينهما من ناحية السفر - حيث إن الأولى لها أولاد ووظيفة، والثانية ليس لها شيء من ذلك - فهل هما في السفر سواء؟ هل أعدل في السفر إذا كان يوماً وليلة فقط؟ وما هي أفضل الكتب في العدل بين النساء في المسائل المعاصرة؟.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- أمر بالعدل في الأمور كلها، قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" [النحل:90]، وقد أخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- بأن الله حرَّم الظلم على نفسه وجعله على عباده محرماً، انظر ما رواه مسلم (2577) من حديث أبي ذر –رضي الله عنه-، ولذلك فإن الواجب على الإنسان أن يتحرى العدل في كل شؤونه، مع نفسه وولده وزوجه وخادمه، وغيرهم.
ومما يجب توخي العدل فيه ما يتعلق بالزواج والتعامل مع الزوجات، فإذا كان الإنسان لديه زوجتان فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهما في القسم والمبيت والنفقة والسفر وما إلى ذلك من الأمور الظاهرة، ولا يجوز له أن يفضل إحدى زوجاته على غيرها بشيء ما إلا برضا الزوجات الأخر، فإذا تنازلت إحدى الزوجات عن شيء من حقوقها فإنه يجوز لها ذلك، ويشهد لهذا ما فعلته سودة – رضي الله عنها- زوج النبي – صلى الله عليه وسلم- فإنها تنازلت عن حقها في المبيت لعائشة – رضي الله عنها-، وقبل النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا التنازل، انظر ما رواه البخاري (5212) ومسلم (2445) من حديث عائشة –رضي الله عنها-، مما يدل على جوازه ومشروعيته،وإذا أراد الزوج أن يسافر ويصطحب معه إحدى نسائه فإنه يقرع بينهن أولاً، فمن جاءت القرعة لها يسافر بها أولاً، ثم يسافر بالأخرى في السفرة الثانية، وهكذا، إلا أن تسمح إحداهن للأخرى فيجوز كما سبق ذكره، وإذا كان الأمر كما تذكر من أن إحدى زوجتيك موظفة ولديها أولاد والأخرى ليست كذلك، فإنه يمكن أن تحقق العدل بينهما، حيث تجعل السفر بالزوجة الموظفة وأولادها في أوقات الإجازة، وذلك من أجل المحافظة على وظيفة الزوجة ودراسة الأولاد.
على أني أنبه إلى أن الزوجة الموظفة إذا امتنعت من السفر لأجل وظيفتها الخاصة بها فإنه يجوز للزوج السفر مع الزوجة الأخرى؛ لأن الزوجة الموظفة هي التي تنازلت عن حقها في السفر فسقط عنها، أما إذا امتنعت عن السفر من أجل دراسة الأولاد فإن امتناعها له سبب معتبر، ولذلك يحسن بك أن تعوضهم بالسفر في أوقات الإجازة، وكما يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في عدد مرات السفر، فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهم في مدة السفر ونوعه، فلا يجوز له أن يخص إحدى زوجاته بالسفر الطويل والأخرى بالسفر القصير، أو يخص إحدى زوجاته بالسفر المريح والأخرى بالسفر الشاق ونحو ذلك، إلا إن حصل هذا الأمر من غير قصد، ومما يحسن التنبيه إليه أن الزوج إذا كان يحسن التعامل مع زوجاته، ولا يظلم واحدة منهن فإنه يستطيع تدبير أموره وتسييرها بالرضا والتفاهم بين جميع الأطراف، ومن نقص شيئاً من حقوقها فإنه يجتهد في تعويضه في جوانب أخرى، أما ما يتعلق بالكتب التي تتحدث عن العدل بين الزوجات، فإن أنفع شيء في هذا المجال ما ورد في كتب السنة من تعامل النبي –صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، مع الاطلاع على ما كتبه أهل العلم شرحاً وتعليقاً على هذه الأحاديث، إضافة إلى فتاوى أهل العلم المعاصرين خصوصاً في المسائل المعاصرة، وكيف يحقق الزوج العدل فيها. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية          أنا متزوج من ثلاث، وزوجتي الثالثة من عائلة لهم عادات بعد الزواج وهي الكسوة، علما بأني لما دفعت المهر اتفقت مع أبيها بأن يجعل المهر مع الكسوة، وقد أعطيته 60ألف ريال كما طلب، ولكن الزوجة تطلب مني أن أكسو أهلها بعشرة آلاف ريال، السؤال: هل يلزمني إذا أعطيتها المبلغ أن أعطي كل زوجاتي عشرة آلاف ريال؟ وهل الهدية التي تعطى للزوجة يشترط فيها العدل بين الزوجات؟

الجواب :                                                                                                              جاء في حديث عمرو بن عوف المزني – رضي الله عنه – مرفوعاً: "والمسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352)، وابن ماجة (2353) ويقول – عليه السلام -: "إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2721)، ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه -، وقال الخليفة عمر – رضي الله عنه -: "مقاطع الحقوق عند الشروط" رواه البخاري تعليقاً كتاب: الشروط. باب: الشروط في المهر عند عقدة النكاح، ومن القواعد الشرعية: الشرط العرفي كالشرط اللفظي، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وعلى الرجل أن يفي بما جرت عليه أعراف القبيلة ما دام أنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً، ولا يسقط واجباً، ولا يوجب ساقطاً.
غير أن الاتفاق مع أبيها بدخول الكسوة ضمن المهر لا يبقي لهم حقاً في المطالبة بما زاد على الاتفاق، إن كان هذا الاتفاق مكتوباً أو اعترف به أبوها.
والمهر حق للزوجة هو وما يتبعه، ولا يلزم الزوج أن يدفع لزوجاته السابقات نظير هذا المهر أو نظير ما جرى به العرف، وإذا أهدى لزوجته بمناسبة خروجها من النفاس أو إنجازها عملاً تفردت به مما يعود عليه وعليها بالخير فلا يلزمه أن يساوي بينها وبين زوجاته الأخر، والعلم عند الله.


سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح                                                           هل الزواج بالمرأة الثانية يبيح للأولى طلب الطلاق أو الفسخ؟

الجواب:                                                                                                               الحمد لله وحده، وبعد..
يجوز أن يتزوج الرجل زوجة ثانية، وثالثة، ورابعة، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات، قال الله تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" [النساء: 3]، لذا ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق، إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما، وقد جاء الوعيد للزوج الظالم، حيث قال – صلى الله عليه وسلم- "من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) والبيهقي في الشعب (8713) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-، هذا إذا كانت المرأة لم تشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإن كانت قد اشترطت عليه ألا يتزوج عليها فتزوج فلها الفسخ في أصح قولي العلماء؛ لحديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) والله تعالى أعلم – وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.

 

سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء                                                                       السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما حكم من صلى خلف الصف منفرداً الصلاة كاملة؟ هل يعيد الصلاة؟ وإذا صلى بعض الركعات خلف الصف والبعض بعد ما أتم الإمام الصلاة، وما حكم من علم بالحكم بعدما قضيت الصلاة سواء بزمن قليل أو بزمن كثير؟ والله يحفظكم ويرعاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب :                                                                                                            سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/ ما حكم الصلاة خلف الصف منفرداً؟
جـ/ الصلاة خلف الصف منفرداً لا تجوز ولا تصح على القول الراجح، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد –رحمه الله – وإن كان عنه رواية أخرى أنها تصح وهو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك، وأبي حنيفة، والشافعي.
ولكن الراجح أنها لا تصح خلف الصف منفرداً إلا إذا تعذر الوقوف في الصف بحيث يكون الصف تامّاً، فإنه يصلي خلف الصف منفرداً تبعاً للإمام؛ لأنه معذور، ولا واجب مع العجز كما قال أهل العلم – رحمهم الله – وإذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- جعل المرأة تقف خلف الصف منفردة عن الرجال للعذر الشرعي، وهو عدم إمكان وقوفها مع الرجال، فإن العذر الحسي أيضاً يكون مسقطاً لوجوب المصافة، وذلك لأنه في هذه الحال إذا لم يجد الرجل إلا موقفاً خلف الصف منفرداً فإما أن يصلي منفرداً خلف الصف مع الإمام، أو يصلي منفرداً وحده عن الجماعة، أو يجذب واحداً من الصف ليكون معه، أو يتقدم ليصلي إلى جانب الإمام، هذه الأحوال الأربعة التي يمكن أن تكون لهذا الرجل الذي لم يجد موقفاً في الصف.
فنقول له: أما التقدم إلى الإمام حتى يكون إلى جانبه فإن فيه محذورين، أحدهما: الوقوف مع الإمام في صلاة الجماعة وهذا خلاف السنة؛ لأن الأفضل أن ينفرد الإمام في مكانه، ليكون إماماً متميزاً عن الجماعة منفرداً عنهم في المكان ليعرف أنه إمام، وأنه لا ثاني معه، ولا يرد على هذا قصة أبي بكررضي الله عنه– حين جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر يصلي بالناس فكان على يسار أبي بكر وأبو بكر عن يمينه انظر: البخاري (664) ومسلم (418)؛ لأن أبا بكر – رضي الله عنه- هو الإمام أولاً ويتعذر أن يرجع إلى صف وراءه لأنه متصل، فوقوف أبي بكر هنا على سبيل الضرورة.
المحذور الثاني: أنه إذا تقدم مع الإمام فإنه سوف يتخطى الصف، أو الصفين، أو الثلاثة حسب ما يجد أمامه من الصفوف.
وفي هذه الحالأي تقدمه إلى الإمام – يكون هناك فوات أمر مطلوب وهو أنه إذا تقدم وصلى مع الإمام، ثم دخل آخر ولم يجد مكاناً في الصف فمعناه أنه سيتقدم إلى الإمام، ويكون مع الإمام رجلان، لكن لو أن هذا لم يتقدم إلى الإمام وبقي خلف الصف ثم جاء الثاني صار صفّاً معه.
أما جذبه لواحد من الصف الذي أمامه فهذا أيضاً يترتب عليه عدة محاذير:
المحذور الأول: فتح فرجة في الصف وهذا من قطع الصف، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:"من قطع صفاً قطعه الله" النسائي (819) وأبو داود (660) وأحمد (5724).
المحذور الثاني: أن هذه الفرجة التي حدثت في الصف فإن الغالب أن الناس يتقاربون، وحينئذ يؤدي إلى حركة جميع الصف، ولولا جذب هذا الرجل ما تحرك الصف ولبقي الناس على أمكنتهم.
المحذور الثالث: أنه ينقل صاحبه الذي جذبه من المكان الفاضل إلى المكان المفضول وفي هذا نوع اعتداء عليه.
المحذور الرابع: أنه إذا جذب المصلي فلابد أن يكون عنده فزع ونحوه مما يوجب عليه تشويش صلاته.
أما الحال الثالثة وهي: أن نقول انصرف ولا تصلِّ مع الجماعة لأن الصف تام، وحينئذ نحرمه من صلاة الجماعة، ويكون منفرداً في موقفه وفي صلاته أيضاً.
وتبقى عندنا الحال الرابعة وهي: أن نقول له: كن خلف الصف منفرداً في المكان، موافقاً في الأفعال، وهذه الأخيرة هي خير الأقسام بلا شك، فإذا كانت هي خير الأقسام فإنها تكون هي المطلوبة ونقول له: قف خلف الصف وصلّ مع الإمام منفرداً؛ لأنه معذور.
أما قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-:"لا صلاة لمنفرد خلف الصف" أحمد (16297) بلفظ "لمفرد" أو "لفرد" وأخرجه ابن ماجة (1003) فهذا حمله من يرون أن المصافة ليست بواجبة حملوه على أنه نفي للكمال وليس نفياً للصحة، ولكن هذا الطريق ليس بصحيح؛ لأن الأصل في ما نفاه الشرع انتفاء الصحة، هذا هو الأصل إلا إذا وجد دليل على أن المراد انتفاء الكمال، فيحمل على انتفاء الكمال وإلا فالأصل أن النفي نفي للصحة.
وبهذه المناسبة: أود أن أبين أن ما ورد نفيه في النصوص فله ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون نفياً لوجوده وهذا هو الأصل، مثل: لا خالق إلا الله، هذا نفي لوجود خالق للخلق سوى اللهعز وجل- وهذا أعني نفي الوجود هو الذي يجب عليه حمل النفي أولاً؛ لأنه الأصل.
الحالة الثانية: إن لم يمكن حمل النفي على نفي الوجود، وكان الشيء موجوداً، فإنه يحمل على نفي الصحة شرعاً مثل:"لا صلاة بغير طهور" مسلم (224)، فالإنسان قد يصلي غير متوضئ وتوجد الصلاة، لكنها شرعاً منفية وهذا نفي للصحة.
الحالة الثالثة: إن لم يكن الحمل على نفي الصحة لوجود دليل يمنع من ذلك فإنه يحمل على نفي الكمال مثل:"لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان" مسلم (560) فإنها هنا محمولة على نفي الكمال، على أن بعضاً من أهل العلم يقول: إن هذا الحديث محمول على نفي الصحة إذا كان ينشغل انشغالاً كاملاً لا يدري ما يقول في صلاته فإنه لا تصح صلاته حينئذٍ.
وعلى كل حال فهذه المراتب الثلاث ينبغي لطالب العلم أن يلاحظها: أن الأصل في النفي نفي الوجود، فإن لم يمكن وكان الشيء موجوداً فهو محمول على نفي الصحة، فإن لم يمكن وكان قد قام الدليل على الصحة فإنه يكون محمولاً على نفي الكمال.
وعلى هذا فقوله –صلى الله عليه وسلم-:"لا صلاة لمنفرد خلف الصف" أو لفرد خلف الصف هو من القسم الثاني أي مما نفيت صحته، فلا تصح صلاة منفرد خلف الصف، ولكن هذا يدل على وجوب المصافة، ووجوب المصافة عند التعذر يسقط بتعذره؛ لأن القاعدة المعروفة عند أهل العلم والتي دل عليها قوله –تعالى-:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"[البقرة:286] تدل على أنه لا واجب مع العجز، وبهذا تبين أنه إذا تعذر الوقوف في الصف لكماله فإن الداخل يصف وحده ويتابع إمامه، وصلاته في هذه الحالة صحيحة.
[
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- (15/193-197)].

 

سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية                                  إذا كان للرجل زوجتان، وولدت إحداهما، فهل يلزم الزوج العدل في المبيت أم يسقط حق من ولدت في المبيت؟

الجواب :                                                                                                             المراد من المبيت عند الزوجة الأنس والسكن في الدرجة الأولى، وليس المراد منه الاتصال الجنسي لا غير، وإن كان هذا الأمر مقصداً من مقاصد النكاح، قال الله –تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21].
وقد أجمع أهل العلم على عدم وجوب الجماع على الزوج في ليلة المرأة المقسوم لها مع إجماعهم على وجوب المبيت عليه، والقسم لها من النفقة والسكنى والكسوة، وعليه يجب على الزوج المبيت عند الزوجة النفساء إلا أن تتنازل عن حقها في المبيت أو يكون العرف جارياً بينهما على عدم المبيت في حال النفاس، ويكون هذا الأمر معلوماً عند الزوجين أو الزوجات؛ لأن المقصود العدل والنفاس جارٍ على كل واحدة على حد سواء.

 

سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً                                                                                                                       أنا رجل لا تكفيني زوجة واحدة وقد تهيأ لي الزواج بأخرى، وقد صارحت زوجتي بنيتي في الزواج فقالت لي: طلقني. فقلت لها: اذهبي إلى أهلك أسبوعاً أو أسبوعين، وفكِّري جيداً في الموضوع، واعلمي أني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن . فهل يلحقني إثم بسبب أطفالي إذا طلقتها ؟ أم أنها هي الآثمة وليس علي إثم إن شاء الله؟.

الجواب :                                                                                                               أولاً : أحب أن تعلم أيها الأخ الكريم أن غضب زوجتك دليل على حبها لك، وغيرتها عليك، وهذا ما يجب أن يرفع رصيدها عندك .
ثانياً : المرأة التي لا تغار على زوجها ولا تشح به لا خير فيها له، فبادل امرأتك حبا بحب.
ثالثاً:لم يعجبني تصرفك مع زوجتك وقولك لها إني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن، فهذا إظهار لعدم أهميتها لك، وكنت تستطيع أن تفهمها موقفك بطريقة أكثر لطفاً ولباقة.
رابعا : أرى أن تشرح لها ظروفك بلطف وتفهُّم، وأن تخبرها أن خيارك هو فيما أحل الله لك، وأن لك سبباً مقنعاً وهو عدم حصول العفاف بزوجة واحدة، وأن زواجك بثانية هو بقصد إحصان نفسك وغض بصرك، وليس زهداً فيها، ولا بسبب تقصير منها، وأنك ستكون وفياً لها ما بقيت، مجتهداً في إسعادها ما حييت، وأن تذكر لها سابقتها معك، وتضحيتها من أجلك بعين التقدير .
وأنا متأكد أن امرأتك مسلمة صالحة، لن تحول بينك وبين ما أحل الله لك، ولن تدفعك بسلوكها إلى الحرام، ولن تكون عوناً للشيطان عليك. ولكن أحسن التعامل وبالغ في البر ولا تنسوا الفضل بينكم.

 

سئل الشيخ عبدالله بن عبدالوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية                               ما حكم تعدد الزوجات بالتفصيل؟

الجواب :                                                                                                              تعدد الزوجات عمل مستحب؛ لقول الله –تعالى-:"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى ‏فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" ‏‏[النساء:3].‏
فاختار الله –عز وجل- التزوج بأكثر من واحدة، فإن خاف عدم العدل تزوج بواحدة فقط، ‏ثم إن التعدد هو السنة وعمل نبينا –صلى الله عليه وسلم- والله –عز وجل- يقول:" لقد ‏كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب:21] وقال ابن عباس –رضي الله عنهما-‏‏:"إن خير هذه الأمة أكثرها نساءً" رواه البخاري (5069) يعني رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم .‏
وينبغي على العبد الذي يريد تطبيق هذه السنة أن يطبقها مع الالتزام بالضابط الشرعي حتى ‏يكون التعدد رحمة ونعمة كما أراده الشرع، أما إذا تخلى عن الضوابط الشرعية وترك تقوى ‏الله –عز وجل- في شأن التعدد فإنه يقع في المحاذير الشرعية والمشكلات الاجتماعية.‏
وأهم ضابط شرعي هو أن يعرف من نفسه أنه يعدل بين الزوجات، كما ينبغي أن يراعي أن ‏يكون قادراً القدرة المالية على الإنفاق على زوجتين أو أكثر، ويكون قادراً القدرة البدنية على ‏إعفاف الزوجات، ويكون قادراً القدرة الإدارية الاجتماعية بحيث يحسن عشرة الزوجات ‏ويربي الأبناء والبنات، والله أعلم.‏

 

سئل الشيخ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية          أنا رجل متزوج من اثنتين والحمد الله وقد رزقني الله من واحدة ذرية ومن الأخرى لم يرزقني فهي لا تُنجب والحمد لله على نعمته وهو مقسم الأرزاق وبفضل الله أحاول بقدر استطاعتي أن أعدل بينهما وأسأل الله لي التوفيق والثبات. ولكن الآن أولادي كبروا شيئاً ما فأنا أجلس في بيتهم أكثر مما أجلس في بيت الزوجة التي لا تُنجب ولكني أبيت في بيت كل زوجة ليلة وأعدل بينهما في ذلك والحمد لله ولكني الآن أفكر أن أعطي زوجتي التي لا تنجب يوماً أبيت فيها عندها وعند بيتي الآخر يومين.
ووالله لا أفعل ذلك إلا من أجل الأولاد فقط وأنا متزوج منذ حوالي تسع سنوات وأعدل بينهما في كل شيء والحمد لله حسب ما أستطيع ولكن الآن والأولاد يحتاجونني أكثر من ذي قبل وأنا أعمل طيلة اليوم وأذهب في المساء إليهم، لذلك فكرت أن أبيت في بيت أولادي يومين وفي البيت الآخر يوماً واحدا، فما حكم هذا العمل بارك الله فيك.

الجواب :

الحمد لله وبعد فإن العدل بين الزوجات في المبيت واجب باتفاق أهل العلم ولا يسقط إلا بإسقاط الزوجة برضاها عن طيب نفس أو بنشوزها وهو عصيانها لزوجها وخروجها عن طاعته.
وإذا علم هذا فإن ما ذكر في السؤال ليس مبرراً لترك العدل، فلكل امرأة ليلة سواء كان لديها أولاد أم لا؟ .
وأما حاجة الأولاد إليك فيمكن تداركها بالمرور عليهم في النهار والنظر فيما يحتاجون، وأما المبيت والمستقر فيكون في بيت من لها القسم تلك الليلة، والله أعلم.

 

سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح                                                         السلام عليكم.
أنا امرأة ملتزمة ومنتقبة ومتزوجة منذ سبع سنين ولي طفلان من زوجي وأعيش حياة سعيدة جداً مع زوجي، ومنذ أسابيع قليلة فاجئني زوجي بأنه يريد أن يتزوج امرأة أخرى وطلبت الطلاق فأخبرني أن هذا لا يجوز لي لأنه لم يفعل إلا السنة كما أنه لم يقبل ذلك؛ لأنه لا يريد لأولاده أن يتربوا بعيداً عن أبويهم.
والسؤال: هل يحق لي أن أطلب الطلاق منه؟ وهل يعد ذلك طلباً للطلاق بغير بأس؟
وإذا دعوت الله ألا يرزقه مالاً حتى لا يتزوج هل أكون آثمة؟ وما نصيحتكم لي ولزوجي؟

الجواب :                                                                                                           وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد أكرم الله تعالى الأخت السائلة بأمور منها الحجاب والالتزام والزواج والأطفال والسعادة الزوجية فهذه نعم عظيمة حُرمها كثير من النساء؛ لذا يجب على الأخت السائلة أن تحمد الله تعالى وتشكره على تلك النعم وتسأله الثبات ولا بد أن تعلم الأخت السائلة أنه يجوز لزوجها وغيره أن يتزوج زوجة ثانية إذا لم تكن المرأة قد اشترطت عليه قبل العقد ألا يتزوج عليها، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات قال الله تعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"[النساء:3] لذا ذهب جملة من العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما وقد جاء الوعيد للزوج الظالم حيث قال –صلى الله عليه وسلم-:"من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
أما الدعاء فإن الله تعالى يستجيب دعاء عبده ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم كما في صحيح مسلم (2735) لذا فإن كانت الأخت السائلة داعية فلتسأل الله تعالى أن يقنع زوجها بها ويكفيه بها ونحو ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

سئل الشيخ ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر                                                     بسم الله الرحمن الرحيم، هل يحلّ شرعاً للرجل أن يبقي أمر زواجه الثاني سراً عن زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر وتطلب معرفة الحقيقة ؟ وما هو الدليل الشرعي؟ جزاكم الله عني كل خير.

الجواب :                                                                                                             يجوز للرجل أن يبقي زواجه الثاني سراً من زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر، ولو طالبت بمعرفة الحقيقة لعدم وجود الدليل المانع من ذلك، والأصل أن معاملات الناس مبنية على الإباحة إلا ما حرمه الشارع، ولا أعلم دليلاً يوجب على الزوج أن يخبر زوجته الأولى بزواجه من الثانية.
وإذا طالبت الأولى بمعرفة حقيقة الأمر ولم يشأ الزوج أن يخبرها لاعتقاده أن المصلحة في عدم إخبارها فله ذلك، وقد رخص النبي – صلى الله عليه وسلم – في الكذب للإصلاح وفي أحاديث الزوجين مع بعضهما فيما من شأنه أن يعين على استمرار الحياة الزوجية على أحسن حال. انظر ما رواه الترمذي (1939) من حديث أسماء بنت يزيد –رضي الله عنها-.

 

سئل الشيخ د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين                              هل الأصل في الزواج التعدد ؟ وهل الزواج بأخرى ينبغي أن يكون بعذر.

الجواب :                                                                                                             الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الأصل في الزواج التعدد؛ لقوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" [النساء:3]، فدلت الآية على أن الأصل هو التعدد، وهذه القضية ثابتة شرعاً وعقلاً، فإن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، سيما إذا حدثت حروب وغيرها، وليس شرطاً أنه لا يعدد إلا من كان له عذر في ذلك؛ لأن التعدد أبيح بدون شروط إلا شرط العدل، والعدل المقصود في الآية هو في الأمور الظاهرة المقدور عليها كالقسم في المبيت، والعدل في النفقة والتعامل، وأما الميل القلبي فلا يشترط فيه ذلك لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". رواه أبو داود (2134)، والترمذي (1140)، والنسائي (3943)، وابن ماجة (1971) من حديث عائشة –رضي الله عنها-.
أما إذا كان الإنسان متيقناً أنه سيظلم إحدى زوجاته ويضر بها ولا يعطيها حقوقها؛ فإن التعدد يكون في حقه حراماً؛ لقوله تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء: 3].
وأما إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة لمرض زوجته الأولى، أو عدم قيامها بحقه، أو كبرها أو غير ذلك؛ فإن التعدد يكون في حقه فرضاً واجباً والله أعلم.

سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية                أنا أعيش في إحدى الدول الغربية وأريد أن أتزوج زوجة ثانية، لكن المرأة الثانية تخشى أن يكون زواجنا فيه مخالفة شرعية؛ لأنه مخالف لأنظمة الدولة التي تحظر تعدد الزوجات، وتقول إن الأئمة الأربعة أشاروا إلى وجوب اتباع أنظمة مكان إقامة الشخص. فما الحكم الشرعي الصحيح في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن نتزوج؟ مع العلم أن هناك كثيرين معددين هنا.

الجواب :                                                                                                              الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
نعم! المسلم المقيم في بلاد الكفار مأمور ألا يخالف أنظمتها، إلا إذا أمرتْ بمعصية، أو نهتْ عن طاعة واجبة، فحينئذ لا نقول: تجوز مخالفته فحسب، بل تجب مخالفته ولا يجوز اتباعه إلا في حال الاضطرار والإكراه، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما ما لا يمنع من واجب، ولا يأمر بمعصية، ولكنه يحرم الإنسان من رخصة شرعية – كالتعدد مثلاً- فيجوز له مخالفة نظامهم والتحايل عليه، بشرط أن تكون المصلحة فيه راجحة، ولا يترتب عليه إضرار بالآخرين، ولا تعريض للنفس إلى المخاطرة والعقوبة التي قد لا يحتملها الإنسان.
فزواج المسلم بزوجة ثانية في ذلك البلد الكافر الذي يعج بمظاهر الفتنة والفواحش فيه مصلحة راجحة ولا شك، وهي تحصين فرجه وإعفاف نفسه عن الحرام، وليس في تحقيق هذه المصلحة الراجحة مفسدةٌ ولا مضرةٌ على الآخرين.
وما كان من قبيل هذه الصورة – أعني ما فيه مصلحة دينية راجحة لا يترتب على تحقيقها أي مفسدة أو مضرة للآخرين- فلا يلزم المسلم التزام النظام الذي يمنعه ما دام أن الشرع قد رخَّص فيه.
بيد أنى أنصح الأخ أن يتأمل الأمر جيداً ويقدِّر العواقب، فلا يقبل عليه إلا إقبال المتأمل المتبصِّر، لا المتعجل غير المبالي، فمسألة نسبة أولاده إليه من الثانية في السجل المدني في ذلك البلد كيف ستكون؟! وهل تحايله على النظام بنسبتهم إليه من زوجته الأولى لا تترتب عليه إشكالات في مستقبل أولاده أولئك؟!
الأمر يحتاج إلى تأني وتأمل، اللهم إلا إذا كانت زوجته الثانية عاقراً لا تلد، فالأمر عندئذٍ أهون .
وفقك الله لكل خير، وأعانك على إعفاف نفسك وتحصين فرجك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

سئل الشيخ د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد                                   أنا شاب أريد التزوج بثانية لحاجتي لذلك ...قال الله -تعالى-: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"، وقد أورد الإمام البخاري حديثاً تحت باب (جواز تزويج الفقير) فهل إقدامي على الزواج وأنا فقير مبتغيا الرزق من الله ينافي التوكل؟ وهل فعل ذلك مع عدم رغبة الوالدين واسترضائهما فيما بعد يوقعني في الإثم ؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده : أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
معنى الآية لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه، قاله القرطبي قال ابن مسعود :التمسوا الغنى في النكاح وتلا هذه الآية، وقال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح ، قال القرطبي 12/160 المراد غنى النفس، وقيل المعنى: يغنيهم الله من فضله إن شاء ، وقيل المعنى: إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنا ،والأخبار في أن النكاح سبب الغنى كثيرة قال في روح المعاني: ولغنى الفقير إذا تزوج سبب عادي وهو مزيد اهتمامه في الكسب، والجد التام في السعي، حيث ابتلي بمن تلزمه نفقتها شرعا وعرفا وينضم إلى ذلك مساعدة المرأة له وإعانتها إياه على أمر دنياه..... وعلى أي حال نأمل أن تكون زوجتك التي تزوجت هي سبب غناك.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


سئل الشيخ عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية                              بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: إذا تزوج زوج على زوجته، فطلبت الزوجة الأولى منه إعطاء ليلتها إلى الزوجة الثانية مع بقاء زوجها مع أبنائه في النهار، وهى صغيرة في السن، وفعلت ما فعلت بدافع الغيرة الشديدة جداً، وهي تعلم جيداً أنها لو بقيت مع زوجها فستكون حياتهما جحيماً، أو أنها طلبت الطلاق، فأي الحلين أفضل؟ وما شرعيتهما في الإسلام؟
أفيدوني أفادكم الله، وفتح عليكم أبواب رحمته.

الجواب :                                                                                                         وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
للمرأة أن تتبرع بليلتها لجارتها إذا رأت أنه لا قدرة لها على المعاشرة بالمعروف، وخشيت من الوقوع بالإثم، ولكني أنصحها بأن تلح على الله بالدعاء أن يخفف غيرتها، وأن ترضى بقضاء الله وقدره، لتسعد في دينها ودنياها، وحتى لا يغويها الشيطان في الوقوع بالمحرم، وربما إذا صبرت وأحسنت إلى زوجها كسبته ونالت رضاه، وهو من أبواب الجنة لها حيث قال – صلى الله عليه وسلم-:" فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" رواه أحمد(19003) من حديث الحصين بن محصن –رضي الله عنه- وقال – صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد(1661) من حديث عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنه- فاتقي الله، وجاهدي نفسك على طاعة الله، وتعاوني مع زوجك على تربية الأبناء على منهج النبوة واقرئي سير نساء الصحابة وأمهات المؤمنين – رضي الله عنهن-، ومن بعدهم لتكون لك قدوة وأسوة بالخير. والله أعلم.



 

6- مسائل متفرقة في عشرة النساء

سئل الشيخ عبدالله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية            زوج يطلب من زوجته إطالة أظافرها، وهي ترفض ذلك، وتحاول أن تقنعه بأن قص الأظافر من سنن الفطرة، ولكنه يقول إن هذه سنة ولا تأثمي بتركها، وللعلم فهو يرد كثيراً من السنن، بحجة أنها سنة لا نأثم بتركها، أو بفعل المنهي عنه، ماذا أفعل لكي أقنعه؟ وهو يسبب لي مشكلة نتيجة قص أظافري، أرجو منكم الرد.

الجواب :                                                                                                           ليس للزوج أن يأمر زوجته بما يخالف الشرع المطهر، وليس للزوجة طاعته في ذلك، فإن كان أمر الزوج لها بفعل شيء محرم، فإنه يحرم عليها طاعته، فإن ألزمها بعقابها على ذلك، كان الإثم عليه.
وإن كان هذا الفعل لا يصل إلى حد المحرم؛ كترك قص الأظفار، فالأولى للزوجة أن تحاول إقناع الزوج بأن ما يأمر به من إطالة الأظفار مما يخالف السنة بل سنن المرسلين، وهو أيضاً يخالف الفطرة، كما جاء في الحديث، وربما يكون سبباً لاجتماع الأوساخ التي تنتج عنها الأمراض، وربما يمنع من وصول ماء الطهارة إلى ما تحتها، وقد تبقى فيها بعض النجاسات، ولذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم(258) وغيره عن أنس – رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم-:"وقت في تقليم الأظفار، أن لا تترك أكثر من أربعين يوماً".
قال أهل العلم: (وذلك هو نهاية ما تترك إليه، لا أنها تترك كل ذلك الوقت)، على أن إطالة الأظفار قد تكون ممنوعة إذا كانت إطالتها تؤدي إلى التشبه بالكافرات للنهي عن ذلك، والذي ينبغي للسائلة أن تلتزم بالسنة في نفسها، وتحرص على هداية زوجها، وتعليقه بالسنة وترغيبه فيها بأسلوب مقبول، مع الاجتهاد والدعاء لها ولزوجها بالهداية والصلاح.

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية        لم أنجب منذ تزوجت وحملت مرة واحدة وسقط الجنين وزوجي يرفض قيامي بتلقيح صناعي ويدعوني للصبر وأنا كبرت وأصبح عمري 29 سنة، وأنا أصلي وأصوم وأزكي وأدفع الصدقات وأكفل الأيتام لعل الله أن يكشف بها الضر عني، سؤالي: لو أني قمت بالتلقيح الصناعي بأخذ الحيوانات المنوية من زوجي على اعتبار الفحص، وطلبت من الدكتورة تلقيحي بها، هل يعتبر ذلك حراماً؟ علماً أنها ستتم دون علمه. وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: هو أنني لا أرى أنه يحق لك أن تقومي بما ذكرت من التلقيح الصناعي بدون علم زوجك، بل عليك أن تستأذنيه في ذلك، فإن رفض فعليك أن تبعثي شفيعاً (وسيطاً) من قرابته يشير عليه ويرغبه بما ذكرت ويُبين له أن المصلحة تعود على الطرفين مستقبلاً بمشيئة الله تعالى، وأن لكل منكما حقاً في الإنجاب وفعل الأسباب المؤدية إليه، هذا وإذا تمت موافقته فعليكما أن تعلما أنه يلزم ما يأتي:
(1)
أن يقوم بهذا التلقيح امرأة طبيبة مسلمة ثقة فإن لم يحصل فلو غير مسلمة ثقة فإن لم يتيسر فطبيب ثقة مسلم فإن لم يتيسر

فلو غير مسلم ثقة.
(2)
يلزم أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم اختلاط النطف وعدم الاحتفاظ بالمني في الثلاجات بل إجراء التلقيح فور أخذه من الزوج وإعطائه للزوجة.
هذا ما قرره علماء الشريعة الإسلامية، وأنصحكما بالاطلاع على مؤلف للدكتور: محمد علي البار والموسوم بـ (أخلاقيات التلقيح الصناعي)، فقد نقل كلام علماء الشريعة حول التلقيح الصناعي ما يجوز منه وما لا يجوز، والله أعلم.


سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية  السـؤال : هل يجوز أن تكون العصمة بيد المرأة (النساء)؟

الجواب :                                                                                                         العصمة بيد الرجل فيما بين الزوجين، فهو الذي بيده عقدة النكاح وبيده الطلاق وهو القيمِّ على المرأة وليس بيد المرأة شيء من ذلك، قال – تعالى -:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء : 34] وقال تعال: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح "[البقرة : 277]. وقد جاء في الحديث أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، انظر ما رواه الدارقطني في سننه (3/279) والبيهقي في السنن الكبرى (7/251) وقال ابن كثير: الذي بيده عقدة النكاح حقيقةً الزوج فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها . انتهى
هذا وإن كان السائل يقصد بسؤاله الولاية للنساء فقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (4425). والله أعلم .

 

سئل الشيخ سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية           قد منَّ الله علي بعد عشر سنين من الزواج بطفلة رزقني إياها عن طريق عملية طفل الأنابيب، وحينها أشار علي بعض الإخوان بتجميد ما تبقى لدينا من أجنة؛ وذلك لما نلاقيه من تكاليف تكرار عملية طفل الأنابيب مادياً وصحياً، حيث تضطر الزوجة لأخذ كميات كبيرة من الإبر لإجراء عملية لسحب البويضات، ولكن علمت فيما بعد أن مجمع الفقه الإسلامي لم يجز تجميد الأجنة؟! فهل هذا صحيح؟ وما السبب في ذلك؟ وماذا علينا الآن وقد احتفظنا ببعض الأجنة المجمدة في المستشفى؟ هل نتخلص منها أم نزرعها أم ماذا؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                          لإجراء عملية طفل الأنابيب لابد من توفر الضوابط الشرعية لإجرائها، وذلك بأن تجرى تحت أيدي الأطباء العدول الثقات، وضمن إجراءات طبية مشددة تمنع اختلاط النطف، وتكون بين الزوجين في أثناء الحياة الزوجية فإن هذه العملية جائزة، ومن الشروط الاقتصار على محل الضرورة، وذلك بأن تستخدم هذه البويضات وهذه النطف في إجراء هذه العملية، والقاعدة: أن ما جاز لعذر يبطل بزوال هذا العذر، كما أن تجميد هذه النطف سواء كانت بويضات أو حيوانات منوية، أو بويضة ملقحة لا يجوز، لأن ذلك يؤدي إلى اختلاطها بغيرها مع الوقت، ولأنه لا توجد أي رقابة مشددة على هذه المراكز، وقد تختلط بغيرها إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد، ولأنه قد ثبت في حوادث متكررة حصول اختلاط هذه النطف بغيرها، وما ذكرته السائلة من وجود الحاجة الملحة إلى ذلك، يجاب عنه: أن الضرر المترتب على تجميد هذه النطف أعظم من الضرر المترتب على عدم التجميد، فيقدم الضرر الأعلى وذلك بإتلافها، والواجب بعد الانتهاء من هذه العملية إتلاف ما زاد على ذلك، ولا يجوز الاحتفاظ بشيء منها بعد ذلك، وعلى هذا خرجت فتوى مجمع الفقه الإسلامي، وكذلك المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وغيرها من الفتاوى، وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة، ومن ذلك قاعدة سد الذرائع، حيث يترتب على تجميد هذه النطف مفاسد عظيمة فتدرأ هذه المفاسد بمنع تجميدها، وكذلك الأصل أن هذه العملية جائزة للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، والأمر الآخر: أن الاحتفاظ بها يؤدي إلى اختلاطها بغيرها، إما على سبيل الخطأ أو العكس.

 

سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية  متزوج منذ تسع سنوات ولم أرزق بالذرية، وبعد المراجعات العديدة والكشوفات ذكر الأطباء أنه لا يوجد علاج من أجل الإنجاب إلا التلقيح المجهري -بإذن الله تعالى-، ووجدنا دكتورة متخصصة في هذا المجال لتراجعها زوجتي وتقوم بالعملية، ولكن غرفة العمليات لا تخلو من رجال، حيث يكون هناك طاقم طبي من نساء و رجال للقيام بالعملية، فهل يجوز من ناحية شرعية القيام بهذه العملية؟ حيث يتم فيها كشف العورة والوجه، هل يكون لنا حكم المضطرين؟ أفيدونا مأجورين.

الجواب :                                                                                                            الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أنه إذا دعت الحاجة إلى التلقيح فليعلم أنه يجب أن يكون التلقيح بماء الزوج وأن كل وسيلة تستخدم للإنجاب خارج نطاق الزوجية أو ملك اليمين باطلة ولاغية شرعاً.
فاستعمال أي طرف ثالث في وسائل الإنجاب يعد باطلاً وغير شرعي، والمقصود بالطرف الثالث ما يلي:
(
أ) نطفة ذكرية من شخص غير الزوج.
(
ب) بويضات (نطف أنثوية) من غير الزوجة.
(
ج) لقيحة جاهزة من نطفة رجل غريب وامرأة غريبة.
(
د) استخدام رحم امرأة لحمل اللقيحة المكونة من نطفة الزوج ونطفة الزوجة (البويضة)، وإذا كانت المعالجَة امرأة فالذي يقوم بالعلاج متخصصات من النساء دون الرجال؛ لأن في هذه العملية كشف العورة، وإذا دعت الضرورة إلى اشتراك الرجال معهن -كما ورد في السؤال- فلا مانع شرعاً، والله أعلم .

 

سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي                                                      ما هو المعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج به في الآية الكريمة "وعاشروهن بالمعروف"؟ وجزاكم الله خيراً.

الجواب :                                                                                                          المعروف كل ما عُرف في الشرع حسنه، والمنكر كل ما عُرف في الشرع قبحه، وهذا بالنسبة للزوجة يشمل المعاشرة القولية والفعلية وحسن المعاملة، والقيام بما أوجب الله –جل وعلا- من النفقة بالمعروف على حسب حال كل منهما، وبحسب العرف السائد في الزمان والمكان اللذين هما فيهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تصحيح الكتاب المصحح من المقدمة والعشرون صفحة با استاذ حازم

الاخ حازم الفاضل انا راجعت تدقيق سيادتك جزاك الله خيرا هل يمكنك ان تسجل هذا الكلام فيديو   بأسلوب جذاب  = وقف عن أي تدقيق مؤقتا لحين...